٥ ـ وجاء في القرآن قولة السامريّ : (قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)(١).
وسكتت التوراة عن ذلك.
نظرة في قولة السامريّ
(قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)(٢).
زعمت الحشويّة من أهل الحديث أنّ السامريّ هذا كان قد ولد أيّام فرعون ، وكانت أمّه قد خافت عليه فخلّفته في غار وأطبقت عليه بالحجارة. فوكّل الله جبرائيل أن يأتيه فيغذوه بأصابعه بواحدة لبنا وبأخرى عسلا وبثالثة سمنا ، فلم يزل يكفله جبرائيل حتّى نشأ وشبّ ، وأصبح يعرف جبرائيل بسماته.
ثمّ إنّ فرعون وأصحابه لمّا هجموا البحر ورأى بني إسرائيل أحجم فرسه عن الدخول وعند ذلك تمثّل جبرائيل راكبا فرسا أنثى في مقدمة فرعون وأصحابه ، فلمّا رآها فرس فرعون اقتحم البحر وراءها ...
وعند ذلك كان السامريّ قد عرف جبرائيل ، ورأى أنّ فرسه كلّما وضع حافره على تراب حصلت فيه رجفة وحركة وحياة. فألقي في روعه : أنّ من أثر حافر فرس جبرائيل أن لا يقذف في شيء إلّا حصلت له الحياة ، ولذلك قبض قبضة من أثر حافر فرسه وضمّها عنده.
ولمّا أبطأ موسى في الميقات دعا بني إسرائيل أن يأتوا بحليّهم ليصنع لهم آلهة ، فصاغها عجلا وألقى من تلك القبضة فيه ، فأصبح ذا حياة يخور كما يخور البقر ، وقال : هذا إلهكم وإله موسى ، وأضلّهم عن الطريق.
هكذا روى الطبري بأسانيده والسيوطي وغيرهما من أرباب النقل في التفسير (٣) وزادوا في الطين بلّة أنّهم قالوا : إنّ موسى سأل ربّه فقال : يا ربّ ، من أخار العجل؟ فقال الله : أنا ، قال موسى : فمن أحياه؟ قال الله : أنا وأردت فتنتهم ، فقال موسى : يا ربّ ، فأنت إذن أضللتهم ، إن هي إلّا
__________________
(١) طه ٢٠ : ٩٦.
(٢) طه ٢٠ : ٩٦.
(٣) راجع : الطبري ١ : ٤٠٠ ـ ٤٠٥ ، الدرّ ٥ : ٥٩٢ ؛ القمّي ٢ : ٦٢ ؛ ابن كثير ٣ : ١٧٢.