يخور كما يخور ولد البقر (١).
وقال بعضهم : إنّه جعل مؤخّرة العجل على حائط فيه ثقب ، وأقعد هناك من يتكلّم مع القوم ليظنّوا أنّ العجل هو الّذي يتكلّم معهم (٢).
كلّ ذلك مخالف لصريح القرآن ، حيث إنّه عبّر بالجسد وصفا للعجل (عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ)(٣). وقال : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً)(٤). وقال : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً)(٥).
على أنّ الروايات بهذا الشأن ـ في المسائل الثلاث ـ على ما وردت في التفاسير المعتمدة على النقل والأثر كلّها متضاربة ومتعارضة بعضها مع البعض ، فضلا عن مخالفة أكثرها لفهم العقل الرشيد ، ومن ثمّ فالإعراض عنها أجدر.
نعم ، يبدو أنّ السامريّ كان صاحب صنعة وصياغة الحليّ ، فسبك لهم من حليّهم صنما بصورة عجل ، وقال لهم : (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى.) فعبّأ فيه مسامات ومنافذ للهواء ، بحيث يحدث من ذلك صوت الخوار ، وهو صوت البقر. وهذا أمر بسيط ، ربما تصنع أمثال ذلك للعبة الصبيان اليوم وقبل اليوم ، وليس من الأمر العجيب.
من هو السامريّ؟
ربّما تشكّك بعض الكتّاب المسيحيّين (٦) في «السامريّ» نسبة إلى السامرة بلدة كانت في أرض فلسطين بناها «عمري» رابع ملوك بني إسرائيل المتأخّر عن عهد نبيّ الله موسى عليهالسلام بخمسة قرون! فكيف يكون معاصرا له وقد صنع العجل كما جاء في القرآن؟
جاء في سفر الملوك : وفي السنة ٣١ لآسا ملك يهوذا ملك عمري على إسرائيل ١٢ سنة ، ملك في ترصة ٦ سنين ، واشترى جبل السّامرة من شامر بوزنتين من الفضّة وبنى على الجبل ودعا اسم
__________________
(١) راجع : ابن كثير ٣ : ١٢٢ ؛ والدرّ ٥ : ٥٩٣ ؛ وتفسير البيضاوي ٤ : ٢٩ ؛ والقمي ، ٢ : ٦٢ ؛ والطبري ١٦ : ١٤٩ و ١ : ٢٢٣ ؛ والميزان ١٤ : ٢١١.
(٢) راجع : تفسير الإمام : ٢٥١ والبحار ١٣ : ٢٣١.
(٣) طه ٢٠ : ٨٨.
(٤) طه ٢٠ : ٨٩.
(٥) الأعراف ٧ : ١٤٨.
(٦) مصادر الإسلام لتسدال : ٣٧ فما بعد ؛ وآراء المستشرقين حول القرآن ١ : ٣٥٢.