قال : ثمّ أزم ساكتا طويلا (١) ثمّ رفع رأسه فقال : من كان فيكم له مال فإيّاه والفساد ، فإنّ إعطاءه في غير حقّه تبذير وإسراف ، وهو يرفع ذكر صاحبه في الناس ويضعه عند الله ولم يضع امرؤ ماله في غير حقّه وعند غير أهله إلّا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودّهم. فإن بقي معه منهم بقيّة ممّن يظهر الشكر له ويريه النصح ، فإنّما ذلك ملق منه وكذب ، فإن زلّت بصاحبهم النعل ثمّ احتاج إلى معونتهم ومكافأتهم فألأم خليل وشرّ خدين (٢) ولم يضع امرؤ ماله في غير حقّه وعند غير أهله إلّا لم يكن له من الحظّ فيما أتي إلّا محمدة اللّئام وثناء الأشرار ، ما دام عليه منعما مفضلا! ومقالة الجاهل (٣) : ما أجوده ، وهو عند الله بخيل. فأيّ حظّ أبور وأخسر من هذا الحظّ ، وأيّ فائدة معروف أقلّ من هذا المعروف؟!
فمن كان منكم له مال فليصل به القرابة ، وليحسن منه الضيافة ، وليفكّ به العاني (٤) والأسير وابن السبيل ، فإنّ الفوز بهذه الخصال مكارم الدنيا وشرف الآخرة».
[٢ / ٧٩٧٧] وعن إسماعيل بن جابر ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «لو أنّ الناس أخذوا ما أمرهم الله ـ عزوجل ـ به فأنفقوه فيما نهاهم الله عنه ، ما قبله منهم ، ولو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به ما قبله منهم ، حتّى يأخذوه من حقّ وينفقوه في حقّ».
[٢ / ٧٩٧٨] وعن أبي جميلة عن ضريس ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنّما أعطاكم الله هذه الفضول من الأموال لتوجّهوها حيث وجّهها الله ، ولم يعطكموها لتكنزوها» (٥).
المعروف على قدر السعة
[٢ / ٧٩٧٩] وبإسناده عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لا تدخل لأخيك في أمر مضرّته عليك أعظم من منفعته له» قال ابن سنان : يكون على الرجل دين كثير ، ولك مال ، فتؤدّي عنه فيذهب مالك ولا تكون قضيت عنه.
[٢ / ٧٩٨٠] وعن إبراهيم بن محمّد الأشعري عمّن سمع أبا الحسن موسى عليهالسلام يقول : «لا تبذل
__________________
(١) أزم عن الكلام : أمسك وسكت.
(٢) الخدين : الصديق.
(٣) عطف على «محمدة اللئام».
(٤) العاني من العناء.
(٥) الكافي ٤ : ٣٠ ـ ٣٢.