إليهم والاستفادة منهم ، ونحن نعلم بالضرورة أنا في زماننا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم ، عاجزون عن الوصول إليهم ، عاجزون عن استفادة الدين والعلم منهم ، وإذا كان الأمر كذلك ، علمنا أن المعصوم الّذي أمر الله المؤمنين بطاعته ليس بعضها من أبعاض الأمة ولا طائفة من طوائفهم ، ولمّا بطل هذا وجب ان يكون ذلك المعصوم الّذي هو المراد بقوله : (وَأُولِي الْأَمْرِ) أهل الحل والعقد من الأمة ، وذلك يوجب القطع بأن إجماع الأمة حجة» (١).
ثم استعرض بعد ذلك الأقوال الأخر في الآية وناقشها جميعا مناقشات ذات أصالة وجهد حتى انتهى إلى رأي من أسماعهم بالروافض ، فقال :
«وأما حمل الآية على الأئمة المعصومين على ما تقوله الروافض ففي غاية البعد ، لوجوه :
أحدها : ما ذكرناه أن طاعتهم مشروطة بمعرفتهم وقدرة الوصول إليهم ، فلو أوجب علينا طاعتهم قبل معرفتهم كان هذا تكليف ما لا يطاق ، ولو أوجب علينا طاعتهم إذا صرنا عارفين بهم وبمذاهبهم صار هذا الإيجاب مشروطا ، وظاهر قوله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) يقتضي الإطلاق ، وأيضا ففي الآية ما يدفع هذا الاحتمال ، وذلك لأنه تعالى أمر بطاعة الله وطاعة الرسول وطاعة أولي الأمر في لفظة واحدة ، وهو قوله : (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) واللفظة الواحدة لا يجوز ان تكون مطلقة ومشروطة معا ، فلما كانت هذه اللفظة مطلقة في حق الرسول وجب ان تكون مطلقة في حق أولي الأمر.
الثاني : أنه تعالى أمر بطاعة أولي الأمر ، وأولو الأمر جمع ، وعندهم لا يكون في الزمان إلا إمام واحد ، وحمل الجمع على الفرد خلاف الظاهر.
__________________
(١) التفسير الكبير : ١٠ ـ ١٤٤.