أخذها قيدا في أصل التكليف لما سبق بيانه ، ولو أمكن فالوجوبات الواردة على إطاعة الله والرسول كلها مقيدة بها ، فلا يلزم التفرقة في التكليف الواحد كما يقول.
والإشكال الثاني : يتضح جوابه مما ذكرناه في اعتبار هذا النوع من الجموع من العمومات الاستغراقية التي ينال فيها كل فرد حكمه ، فإذا قال المشرع الحديث ـ مثلا ـ : حكم الحكام نافذ في المحاكم المدنية ، فإن معناه ان حكم كل واحد منهم ، نافذ لا حكمهم مجتمعين ، نعم يظهر من إتيانه بلسان الجمع ان أولي الأمر أكثر من فرد واحد ، وهذا ما تقول به الشيعة ، ولا يلزمه ان يكونوا مجتمعين في زمان واحد لأن صدق الجمع على الأفراد الموزعين على الأزمنة لا ينافي ظاهره.
يبقى الإشكال الثالث : وهو عدم ذكره لأولي الأمر في وجوب الرد إليهم عند التنازع ، بل اقتصر في الذّكر على خصوص الله والرسول ، وهذا الإشكال أمره سهل لجواز الحذف اعتمادا على قرينة ذكره سابقا ، وقد سبق في صدر الآية ان ساوى بينهم وبين الله والرسول في لزوم الطاعة ، ويؤيد هذا المعنى ما ورد في الآية الثانية (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(١).
والإشكال الّذي يرد على الشيعة ـ بعد تسليم دلالتها على عصمة أولي الأمر كما قال الفخر ـ ان القضية لا تثبت موضوعها ، فهي لا تعين المراد من أولي الأمر ، وهل هم الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام أو غيرهم ، فلا بدّ من إثبات ذلك إلى التماس أدلة أخرى من غير الآية ، وسيأتي الحديث حول ذلك في جواب سؤال : من هم أهل البيت؟
والآيات الباقية التي استدلوا بها على العصمة حساب ما يدل منها عليها حساب هذه الآية من حيث عدم تعيينها للإمام المعصوم ، فالمهم ان يساق
__________________
(١) سورة النساء : الآية ٨٣.