للظروف الخاصة من غير ان يكون هناك دخل للوحي الإلهي ولا للنبوة والرسالة.
٣ ـ ما صدر منه على وجه التبليغ عن الله تعالى ، بصفته رسولا يجب الاقتداء به والعمل بما سنّة من الأحكام مثل تحليل شيء أو تحريمه ، والأمر بفعل أو النهي عنه ، وكبيان العبادات ، وتنظيم المعاملات ، والحكم بين الناس.
فهذا القسم الأخير تشريع عام يجب على كل مكلف العمل به. والأحاديث الواردة في هذا القسم تسمى بأحاديث الأحكام.
وبالجملة فإن أقوال الرسول وأفعاله وتقريراته إنما تكون دليلا من الأدلة ، ومصدرا من المصادر التشريعية التي تستمد منها الأحكام الشرعية إذا صدرت منه بمقتضى رسالته لسنّ القوانين وتشريع الأحكام أو بيانها» (١).
ولكن هذه التفرقة بين أقسام ما يصدر عنه من قول أو فعل أو تقرير ، لا تخلو من غرابة إذا علمنا أنه ما من واقعة إلا ولها حكم في الشريعة الإسلامية كما هو مقتضى شموليتها ، ولا يفرق في ذلك بين ما تقتضيه طبيعته البشرية كالأكل والشرب وغيره ، إذا كان صادرا منه عن إرادة ، وبين غيره من تجارب.
وإذا تمّ ما سبق أن عرضناه من أدلة العصمة له ، فإن كل ما يصدر عنه بطبيعة الحال يكون موافقا لأحكام الشريعة ومعبّرا عنها ، وما دام الأكل والنوم والشرب من أفعاله الإرادية ، فهي محكومة حتما بأحد الأحكام ، فأصل الأكل محكوم بالجواز بالمعنى العام ، وأكله لنوع معين يدل على جوازه ، كما أن تركه لأنواع أخرى يدل على جواز الترك لها ، فالقول بأن ما كان من شئون طبيعته البشرية لا يعبر عن حكم ، لا يتضح له وجه.
كما أن ما يتصل بالقسم الثاني من شئون خبرته وتجاربه هو الآخر معبر عن
__________________
(١) سلم الوصول : ص ٢٦٢ وما بعدها.