استحبابه ؛ لأنّها لم تحصل في يده ، وما لا يحصل في يده لا يضمنه ، كما لو حبس رجلاً عن ماله حتى هلك فإنّه لا يضمنه (١).
وإن وجدها الخائن فأخذها ، لم يضمنها إلاّ بالتعدّي أو نيّة التصرّف وعدم الردّ على المالك.
وأمّا إذا أخذها على وجه الالتقاط فلا يضمنها ، كما أنّ المستودع إذا كان خائناً وقَبِل الوديعة لم يضمنها إلاّ بالتعدّي ، كذا هنا.
فإن ردّها الملتقط إلى الموضع الذي وجدها فيه ، لزمه ضمانها ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّه لمّا أخذها التزم بحفظها ، فإذا ردّها إلى الموضع فقد ضيّعها ، فلزمه الضمان ، كما لو رماها إلى موضعٍ آخَر.
وقال أبو حنيفة : لا يلزمه ضمانها ، ويبرأ بردّها إلى موضعها من الأمانة ؛ لأنّه مأذون له في أخذها منه ، وإذا ردّها إليه زال عنه الضمان ، كالمستودع إذا ردّ الوديعة إلى يد صاحبها (٣).
والفرق ظاهر ؛ لأنّ الوديعة عادت إلى يد صاحبها ، ولهذا لو كان غصبها ثمّ ردّها إلى صاحبها زال الضمان ، كذا هنا ، ووزان المتنازع أن يردّ المستودع الوديعة إلى الموضع الذي أخذها منه بنيّة التعدّي ، وهناك لا يبرأ بالردّ إلى موضعها على ما تقدّم في باب الوديعة (٤).
مسألة ٣٠٨ : الملتقط إذا علم الخيانة من نفسه ، فالأقرب : إنّه يحرم عليه أخذها ـ وبه قال بعض الشافعيّة (٥) ـ لأنّ نفسه تدعوه إلى كتمانها
__________________
(١) البيان ٧ : ٤٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٥٣.
(٢) حلية العلماء ٥ : ٥٤٩ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٥.
(٣) المبسوط ـ للسرخي ـ ١١ : ١٣ ، حلية العلماء ٥ : ٥٤٩ ، البيان ٧ : ٤٤٤ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٥.
(٤) راجع : ج ١٦ ـ من هذا الكتاب ـ ص ١٦٠ ، المسألة ١٤.
(٥) الوجيز ١ : ٢٥٠ ـ ٢٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣٩.