الحفظ يكون مُحسناً إلى مالكها بحفظ ماله عليه.
ومنه يظهر الجواب عن الآية ؛ إذ نيّة الحفظ وفعله يقتضي أمن صاحبها عليها.
والرواية لا تقتضي التحريم ؛ فإنّ النهي لفظ يدلّ على معنى مشترك بين التحريم والكراهة ، ولا دلالة للعامّ على الخاصّ ، مع أنّ الرواية مرسلة.
إذا ثبت هذا ، فإنّه إذا التقط في الحرم لم يجز له أن يملكها لا قبل التعريف ولا بعده ، بل إمّا أن يحفظها أو يتصدّق بها بعد التعريف حولاً.
وفي الضمان قولان لعلمائنا.
مسألة ٣١٠ : يستحبّ لواجد اللّقطة الإشهاد عليها حين يجدها ، فإن لم يُشهد عليها لم يكن ضامناً.
وليس الإشهاد واجباً عند علمائنا ـ وبه قال مالك وأحمد والشافعي في أظهر قوليه (١) ـ لأصالة عدم الوجوب ، ولأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يذكر الإشهاد في خبر زيد بن خالد ، ولا خبر أُبيّ بن كعب (٢) ، بل أمرهما بالتعريف ، ولو كان الإشهاد واجباً لبيّنه ؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ولأنّه أخذ أمانة ، فلم يفتقر إلى الإشهاد ، كالوديعة.
وقال أبو حنيفة : يجب الإشهاد ، فإن أخلّ به ضمن ـ وبالوجوب قال الشافعي في القول الثاني ـ لما روي عن عياض بن حمار أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « مَن التقط لقطةً فليُشهد عليها ذا عَدْلٍ أو ذَوَي عَدْلٍ ، ولا يكتم
__________________
(١) بداية المجتهد ٢ : ٣٠٨ ، التمهيد ٣ : ١٢١ ، المغني ٦ : ٣٦٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٧ ، الحاوي الكبير ٨ : ١٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٣٧ ، الوسيط ٤ : ٢٨٢ ، الوجيز ١ : ٢٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٤٨ ، البيان ٧ : ٤٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٥٣.
(٢) تقدّم خبراهما في ص ١٦٥ ـ ١٦٦ و ١٦٩ ـ ١٧٠.