وقبله وبعده إلى زماننا هذا ، ويرجعون إليهما في قِيَم المُتلفات.
ولأنّ النقدين ثمنان لا يختلفان بالأزمنة والأصقاع إلاّ قليلاً نادراً ، ولا يقوَّمان بغيرهما ، وأمّا غيرهما من العروض فإنّ قيمتها تختلف دائماً ، فلو جُعل شيء منها رأس المال لزم إمّا أخذ المالك جميعَ الربح ، أو أخذ العامل بعضَ رأس المال ، والتالي بقسميه باطل ، فالمقدَّم مثله.
بيان الشرطيّة : إنّهما إذا جعلا رأس المال ثوباً مثلاً ، فإمّا أن يشترط (١) ردّ ثوبٍ بتلك الصفات ، أو ردّ قيمته.
فإن شرطا الأوّل ، فربما كان قيمة الثوب في حال المعاملة يساوي ديناراً ويبيعه به ويتصرّف فيه حتى يبلغ المال عشرة دنانير ثمّ ترتفع قيمة الثياب حتى لا يوجد مثل ذلك الثوب إلاّ بعشرة ، فيحتاج العامل إلى أن يصرف جميع ما معه إلى تحصيل رأس المال ، فيذهب الربح في رأس المال ، فيتضرّر العامل.
وبالعكس قد تكون قيمة الثوب عشرةً وقت المعاملة ، فيبيعه ولا يربح شيئاً ثمّ تتنازل قيمة الثياب حتى يوجد مثله بنصف دينارٍ فيدفعه إليه ويبقى نصف دينارٍ (٢) ويأخذ العامل منه حصّته ، فيحصل بعض رأس المال.
وإن شرطا ردّ القيمة ، فإمّا أن يشترطا قيمته حال المفاصلة أو قيمته حال الدفع ، والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل : فلأنّها مجهولة ، ولأنّ القيمة قد تزيد بحيث تستوعب الأصل والنماء ، فيلزم المحذور السابق.
والثاني باطل ؛ لأنّه قد تكون قيمته في الحال عشرةً وتعود عند
__________________
(١) الظاهر : « يشترطا ».
(٢) الظاهر : « تسعة ونصف دينار ».