المفاصلة إلى واحدٍ ، فيلزم المحذور الثاني.
وأمّا بطلان التالي (١) : فلأنّه منافٍ للمضاربة ؛ لأنّ مقتضاها أن يرجع إلى ربّ المال رأس ماله ثمّ يشتركان في الربح.
واعتُرض (٢) بأنّ لزوم أحد الأمرين مبنيٌّ على أنّ رأس المال قيمة (٣) يوم العقد ، وبتقدير جواز القراض على العرض يجوز أن يكون رأس المال ذلك العرض بصفاته من غير نظرٍ إلى القيمة ، كما أنّه المستحقّ في السَّلَم ، وحينئذٍ فإن ارتفعت القيمة فهو كخسرانٍ حصل في أموال القراض ، وإن انخفضت فهو كزيادة قيمةٍ فيها.
وادّعى بعض الشافعيّة الإجماعَ على اختصاص القراض بالنقدين (٤).
والشيخ رحمهالله استدلّ على الاختصاص : بأنّ ذلك مُجمع على جوازه ، بخلاف المتنازع (٥).
وقال الأوزاعي وابن أبي ليلى : يجوز القراض بكلّ مالٍ ، فإن كان له مِثْلٌ أُعيد مثله عند المفاصلة ، وإن لم يكن له مِثْلٌ أُعيد قيمته ـ وبه قال طاوُس وحمّاد بن أبي [ سليمان ] (٦) مسلم ، وعن أحمد روايتان ـ لأنّ ذلك يجوز أن يكون ثمناً ، فجاز أن يكون رأس مال المضاربة كالنقود (٧).
__________________
(١) في « ث ، خ ، ر » : « الثاني » بدل « التالي ».
(٢) المعترض هو الرافعي في العزيز شرح الوجيز ٦ : ٧.
(٣) في « ث ، ج ، ر » : « قيمته ».
(٤) البيان ٧ : ١٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٧.
(٥) الخلاف ٣ : ٤٥٩ ، المسألة ١ من كتاب القراض.
(٦) ما بين المعقوفين أثبتناه من الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٣٩ ، والمغني ٥ : ١٢٥ ، والشرح الكبير ٥ : ١١٣ ، وتهذيب التهذيب ٣ : ١٤ / ١٥.
(٧) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٣٩ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٠٧ ، بحر المذهب ٩ : ١٨٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٠ ، البيان ٧ : ١٥٩ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٠ / ١١١١ ، الاستذكار ٢١ : ١٣٦ / ٣٠٧٩٤ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٦ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨١ / ٣٤٢٢ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٢٢ : ٣٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٧ / ١٧٠٢.