ما لم يَنْو التملّك أو يفرّط أو يتعدّى وإن بقيت في يده أحوالاً إن قلنا بافتقار التملّك إلى نيّةٍ ؛ لأنّه بذلك مُحسنٌ في حقّ المالك بحفظ ماله وحراسته ، فلا يتعلّق به ضمان ؛ لقوله تعالى : ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (١) ولأنّ حاله لم يختلف قبل الحول ولا بعده ، فكذا الحكم بعدم الضمان ينبغي أن لا يختلف.
وأمّا إن قلنا بدخولها في ملكه بعد الحول وإن لم يقصد التملّك ، فإنّه يضمنها بدخولها في ملكه.
لكن المعتمد عند علمائنا : الأوّل ، وسيأتي.
مسألة ٣٣٢ : إذا نوى الاحتفاظ لها دائماً ، فهي أمانة في يده على ما تقدّم.
فإن دفعها إلى الحاكم ، وجب عليه القبول ؛ لأنّه مُعدٌّ لمصالح المسلمين ، وأعظمها حفظ أموالهم ، بخلاف الوديعة ، فإنّه لا يلزمه قبولها ـ على أحد وجهي الشافعيّة (٢) ـ لأنّه قادر على الردّ إلى المالك ، بل لا يجوز له دفعها إلى الحاكم مع القدرة على صاحبها ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) (٣).
ولو تعذّر عليه الردّ إلى المالك وافتقر إلى إيداعها ، أودعها الحاكم ؛ للضرورة.
ولو أخذ للتملّك ثمّ بدا له ودفعها إلى الحاكم ، لزمه القبول.
ولو قصد الحفظ أبداً ، لزمه التعريف حولاً ، ولا يسقط وجوب
__________________
(١) سورة التوبة : ٩١.
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٩.
(٣) سورة النساء : ٥٨.