أحدهما : المنع ؛ لأنّه لا يلزمه الدفع إلاّ بالبيّنة.
والثاني : الثبوت ؛ لأنّ المدّعي قد يرفع الملتقط إلى حاكمٍ يعتقد وجوب الدفع إلى الواصف (١).
مسألة ٣٤٣ : لا يجب على الملتقط مباشرة التعريف ؛ إذ الغرض به الإشهار والإعلان ، ولا غرض للشارع متعلّق بمباشرٍ دون آخَر ، فيجوز أن يباشر النداء بنفسه ، وأن يولّيه غلامه وولده ومَنْ يستعين به ويستأجره عليه ، ولا نعلم فيه خلافاً.
فإن تبرّع الملتقط بالتعريف أو بذل مئونته فذاك ، وإلاّ فإن أخذها للحفظ أبداً وجب التعريف أيضاً عندنا ، وعلى أحد قولَي الشافعي لا يجب حينئذٍ ، فهو متبرّع إذا عرّف (٢).
فإن قلنا : يجب ـ وهو الحقّ عندنا ـ إذا احتاج التعريف إلى مئونةٍ ، فإن أخذها للتملّك واتّصل الأمر بالتملّك ، فمئونة التعريف على الملتقط ؛ لأنّه إنّما يفعل التعريف ليتشبّث به إلى إباحة تملّكه لها ، فكانت مئونة التعريف عليه ؛ لأنّها لمصلحته ونفعه ، وإن ظهر المالك فهي على الملتقط أيضاً ؛ لقصده التملّك ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة ، والثاني : إنّها على المالك ؛ لعود الفائدة إليه (٣).
ولو قصد الحفظ حين الالتقاط أبداً ، فالأقرب : إنّه لا يجب على
__________________
(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٢ ، المغني ٦ : ٣٤٧ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٣.
(٣) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٢.