وصنعتُ ، فقال : « أما إنّك حين شكوتَ إلَيَّ أمرنا لك بثلاثين ديناراً ، يا جارية هاتيها » فأخذتُها وأنا أحسن قومي حالاً (١).
ولأنّ مكة مثابة للناس يعودون إليها مرّةً بعد أُخرى ، فربما يعود مَنْ أضلّها ، أو يبعث في طلبها.
والقول الثاني للشافعي : إنّ مكة كغيرها من البقاع في حكم اللّقطة يُعرّفها الملتقط سنةً ثمّ إن شاء حفظها لمالكها وإن شاء تملّكها ، وبه قال أبو حنيفة ومالك ، وهو أظهر الروايتين عن أحمد (٢).
وقد بيّنّا بطلانه.
مسألة ٣٥٥ : كلّ ما جاز التقاطه ملك بالتعريف عند تمامه حولا ، سواء كانت اللّقطة أثماناً أو عروضاً عند علمائنا أجمع ـ وهو قول جمهور العلماء ؛ فإنّهم لم يختلفوا فيه ، ولم يفرّقوا بين العروض والأثمان في التعريف حولاً وجواز التصرّف فيها بعد الحول (٣) ـ لأنّ الأخبار الواردة في ذلك عامّة تشمل القسمين.
روى العامّة : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن اللّقطة ، فقال : « عرِّفها سنةً » ثمّ قال في آخره : « فانتفع بها » (٤) أو : « فشأنك بها » (٥).
__________________
(١) الكافي ٥ : ١٣٨ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٩٠ ـ ٣٩١ / ١١٧٠.
(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٥ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٣٦ ، الوسيط ٤ : ٢٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٣ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٥٣ ، البيان ٧ : ٤٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٦ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٨٠ / ١٢١٤ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٠٢ ، المغني ٦ : ٣٦٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٥ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٧.
(٣) المغني ٦ : ٣٥٧ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨١ ـ ٣٨٢.
(٤) راجع : الهامش (١) من ص ١٦٦ ، والهامش (٣) من ص ٢٤٠.
(٥) راجع : الهامش (١) من ص ١٦٦.