ولهذا أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الملتقط بمعرفة العفاص والوكاء (١) (٢).
والمعتمد ما قلناه ؛ لأنّ وصف الوعاء لا يستحقّ به (٣) ، كالمغصوب ، وتعذّر إقامة البيّنة قائم في المغصوب والمسروق ، وذِكْرُ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الصفاتِ ؛ لما قدّمناه من الفوائد ، لا للتسليم إلى مدّعيه بمجرّد ذكرها.
وإن غلب على ظنّ الملتقط صدق المدّعي الواصف لها ، جاز دفعها إليه ولا يجب ـ وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أصحّ القولين (٤) ـ لما تقدّم من أنّه مُدّعٍ ، فيفتقر إلى البيّنة.
والوجه الثاني للشافعي : إنّه يجب دفعها ، وبه قال مالك وأحمد ؛ لأنّهم أوجبوا الدفع مع وصف العفاص والوعاء والعدد وإن لم يغلب على الظنّ الصدقُ ، فمعه أولى (٥).
مسألة ٣٦٨ : ولا يكفي في وجوب الدفع الشاهدُ الواحد وإن كان عَدْلا ؛ لأنّ البيّنة لا تثبت به ، والأمر بالإشهاد وقع باثنين ، فلا يكفي الواحد ، والأصل عصمة مال الغير.
وللشافعيّة وجهٌ آخَر : الاكتفاء بالعَدْل الواحد ؛ لحصول الثقة بقوله (٦).
ويحتمل عندي جواز الدفع إن حصل الظنّ ، كما لو حصل الظنّ بالوصف.
ولو قال الواصف : يلزمك تسليمها إلَيَّ ، فله أن يحلف أنّه لا يلزمه.
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٦٦ ، الهامش (١).
(٢) المغني ٦ : ٣٦٣ ـ ٣٦٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٨ ـ ٣٨٩.
(٣) في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « بها ». والمثبت هو الصحيح.
(٤) راجع : الهامش ( ١ و ٢ ) من ص ٢٦٦.
(٥) راجع : الهامش (٥) من ص ٢٦٥.
(٦) الوسيط ٤ : ٢٩٩ ، الوجيز ١ : ٢٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٢.