وقال بعض الشافعيّة : يرجّح أحدهما باجتهاد القاضي ، فمَن رآه خيراً للّقيط أقرّه في يده (١).
وهو غلط ؛ لأنّه قد يستوي الشخصان في اجتهاد القاضي ولا سبيل إلى التوقّف ، فلا بدّ من مرجوعٍ إليه ، وليس سوى القرعة.
وقال بعض الشافعيّة : يخيّر الصبي في الانضمام إلى مَنْ شاء منهما (٢).
وهو غلط ؛ لأنّه قد لا يكون مميّزاً بحيث يفوّض إليه التخيير ، ولو كان مميّزاً فإنّه لا يخيّر ، كما يخيّر الصبي بين الأبوين عند بلوغه سنّ التمييز ـ عندهم (٣) ـ لأنّه هناك يعوّل على الميل الناشئ من الولادة ، وهذا المعنى معدوم في اللقيط.
مسألة ٤١٣ : هذا إذا تساويا في الصفات ، فإن ترجّح أحد الملتقطين بوصفٍ يوجب تخصيصه به دون الآخَر وكانا معاً ممّن يثبت لهما جواز الالتقاط ، أُقرّ في يده ، وانتُزع من يد الآخَر.
والصفات المرجّحة أربعة :
أ : الغنى ، فلو كان أحدهما غنيّاً والآخَر فقيراً ، فللشافعيّة وجهان :
أحدهما : إنّهما يتساويان ـ وهو قول بعض علمائنا (٤) ـ لأنّ الفقير أهل للالتقاط ، كالغني.
وأظهرهما عند الشافعيّة : أولويّة الغني ؛ لأنّه ربما يواسيه بمالٍ وينفعه في كثيرٍ من الأوقات ويؤاكله أحياناً ، ولأنّ الفقير قد يشتغل بطلب القوت
__________________
(١) الحاوي الكبير ٨ : ٤٠ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٤٣ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٦ ، البيان ٨ : ١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.
(٣) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤.
(٤) لم نتحقّقه.