فتكون نفقته عليه ، كقرابته ومولاه ، وهو أصحّ قولَي الشافعي ؛ لأنّ البالغ المعسر يُنفق عليه من بيت المال ، فاللقيط العاجز أولى ، ولأنّه للمصالح وهذا منها.
والثاني : إنّه لا تكون من بيت المال ؛ لأنّ بيت المال مُعدٌّ للصرف إلى ما لا وجه له سواه ، واللقيط يجوز أن يكون رقيقاً فنفقته على سيّده ، أو حُرّاً له مال أو قريب فنفقته في ماله أو على قريبه ، فعلى هذا يستقرض عليه الإمام لنفقته من بيت المال أو من آحاد الناس ، فإن لم يكن في بيت المال شيء ولم يُقرضه أحد من الناس استعان الإمام بالمؤمنين في الإنفاق عليه إمّا على سبيل الصدقة أو القرض.
ثمّ إن ظهر أنّه مملوك رجع على سيّده بما اقترضه الإمام له ، وإن ظهر أنّه حُرٌّ وله مَنْ تجب عليه نفقته رجع عليه ، وإن بانَ حُرّاً لا مال له ولا قريب ولا كسب قضى الإمام من سهم الفقراء والمساكين أو الغارمين (١).
والأوّل أثبت.
مسألة ٤٢٣ : قد بيّنّا أنّ نفقة اللقيط إذا لم يكن له مالٌ على بيت المال ، فإن لم يكن في بيت المال شيء أو كان لكن هناك ما هو أهمّ ، كسدّ ثغرٍ يعظم أمره ، وحاجة إلى رعاية عمارةٍ عامّة ، كسدّ بثقٍ يخشى الغرق منه ، أو غير ذلك من المصالح العظيمة ، وجب على المسلمين القيام بكفايته ، ولم يجز لهم تضييعه.
ثمّ طريقه طريق النفقة ؛ لأنّه محتاج عاجز ، فأشبه الفقير المزمن والمجنون والميّت إذا لم يكن له كفن ، فعلى هذا إذا قام به البعض سقط
__________________
(١) الحاوي الكبير ٨ : ٣٨ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٤٢ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩٠ ـ ٣٩١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٩١.