المراهق ، فقد تردّد أصحاب أبي حنيفة في تبعيّته لمن أسلم من أبويه ؛ لأنّ الجمع بين إمكان الاستقلال وبين إثبات التبعيّة بعيد (١).
إذا عرفت هذا ، فإنّه لا فرق عندنا بين أن يُسلم الأب أو الأُمّ في أنّ الولد يتبعه في إسلامه ، فأيّهما أسلم تبعه الولد ، وكان مسلماً بإسلامه في الحال إذا لم يكن بالغاً ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّه إذا كان أحد الأبوين مسلماً ، وجب تغليب الإسلام على طرف الكفر ؛ لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الإسلام يعلو ولا يعلى » (٣).
وقال مالك : لا يكون الصغير مسلماً بإسلام الأُمّ ، بل بإسلام الأب ؛ لقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ) (٤) ولأنّه لا يدخل في أمان الأُمّ ، فلا يتبعها في الإسلام ، كالأجنبيّ (٥).
ولا دلالة في الآية ؛ لدخول الأُمّ تحت لفظة : ( الَّذِينَ ) ولأنّ الحكم باتّباع الذرّيّة للأب إذا آمن لا ينافي اتّباعهم للأُمّ إذا آمنت ، ونعارضه بأنّ الولد يتبع الأُمّ في الملك عنده ، وولادتها متحقّقة ، فكان أولى بالتبعيّة ، وقد سلّم أنّ الولد إذا كان حملاً في بطنها فأسلمت يتبعها الولد في إسلامها ،
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩٧.
(٢) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٣ : ١٥٨ ، الحاوي الكبير ٨ : ٤٤ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٤٠ ، الوجيز ١ : ٢٥٦ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٣ ، البيان ٨ : ٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٩٦ ، المغني ١٠ : ٩١ ، الشرح الكبير ١٠ : ١٠٥.
(٣) الفقيه ٤ : ٢٤٣ / ٧٧٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٢٠٥ ، سنن الدارقطني ٣ : ٢٥٢ / ٣.
(٤) سورة الطور : ٢١.
(٥) الذخيرة ٩ : ١٣٤ ، المعونة ٢ : ١٢٩٢ ، المغني ١٠ : ٩١ ، الشرح الكبير ١٠ : ١٠٥ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ٣ : ١٥٨ ، الحاوي الكبير ٨ : ٤٤ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٣ ، البيان ٨ : ٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩٧.