وقال أصحاب الرأي : يلحق بهما بمجرّد الدعوى ؛ لأنّ الأُم أحد الأبوين ، فجاز أن يلحق بأُمّين كالآباء (١).
وهذا غلط ؛ لأنّا نعلم يقيناً استحالة كونه منهما ، فلم يجز إلحاقه بهما ، كما لو كان أكبر منهما أو مثلهما.
وفرّق الشافعيّة بين الأُمّين والأبوين ؛ لأنّه يجوز اجتماع نطفتي رجلين في رحم امرأةٍ ويمكن أن يخلق منهما ولد ، كما يخلق من نطفة الرجل وامرأةٍ ، ولذلك قال القائف لعمر : قد اشتركا فيه (٢) ، ولا يلزم من إلحاقه بمَنْ يتصوّر كونه منه إلحاقه بمَنْ يستحيل تكوّنه منه ، كما لم يلزم من إلحاقه بمَنْ يولد مثله لمثله إلحاقه بأصغر منه (٣).
مسألة ٤٥٢ : ولو ادّعى نسبه رجل وامرأة ، أُلحق بهما ؛ لأنّه لا تنافي بينهما ؛ لإمكان أن يكون بينهما نكاح أو وطؤ شبهة ، فيلحق بهما جميعاً ، فيكون ابنهما بمجرّد دعواهما ، كما لو انفرد كلّ واحدٍ منهما بالدعوى.
ولو قال الرجل : هذا ابني من زوجتي وادّعت زوجته ذلك وادّعت امرأة أُخرى أنّه ابنها ، فهو ابن الرجل.
وهل ترجّح زوجته على الأُخرى؟ الأقرب : ذلك ؛ لأنّ زوجها أبوه فالظاهر أنّها أُمّه ، ولأنّها ادّعت وحصل لدعواها قرينة تصديق الرجل إيّاها ، بخلاف الأُخرى ، فإنّه حصل لدعواها معارضة تكذيب الأب لها.
ويحتمل تساويهما ؛ لأنّ كلّ واحدةٍ منهما لو انفردت لالتحق بها ، فإذا اجتمعتا تساوتا.
__________________
(١) المغني ٦ : ٤٣٥ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٣٧.
(٢) سنن البيهقي ١٠ : ٢٦٣ و ٢٦٤.
(٣) الحاوي الكبير ٨ : ٥٩ ، وراجع : المغني ٦ : ٤٣٥ ، والشرح الكبير ٦ : ٤٣٧.