فإن كذّبه المُقرّ له ، لم يثبت الرقّ عند الشيخ (١) ، وبه قال الشافعي (٢).
ويحتمل ثبوت الرقّيّة المجهولة المالك.
فإن عاد المُقرّ له فصدّقه ، لم يلتفت إليه عند الشيخ (٣) والشافعي (٤) ؛ لأنّه لمّا كذّبه ثبتت حُرّيّته بالأصل ، فلا يعود رقيقاً.
والملازمة الأُولى ممنوعة ؛ لما بيّنّاه من ثبوت الرقّيّة المطلقة ، فمَن ادّعاها حُكم له بها ؛ إذ لا فرق بين العبد والمال في ذلك.
هذا إذا لم يسبق من اللقيط ما ينافي إقراره.
وللشافعي قولٌ آخَر : إنّه لا يُقبل إقراره وإن صدّقه المُقرّ له ؛ لأنّه محكوم بحُرّيّته بالدار فلا يُنقض ، كما أنّ المحكوم بإسلامه بظاهر الدار إذا أعرب بالكفر لا ينقض ما حُكم به في قولٍ ، بل يجعل مرتدّاً (٥).
وليس بشيءٍ ؛ لأنّ الحكم بحُرّيّته إنّما هو ظاهر ، وظاهر إقراره أقوى من ظاهريّة الدار ؛ لأنّه كالبيّنة بل أقوى ، وإنّما لم نحكم بالكفر إذا أعرب به احتفاظاً بالدين.
مسألة ٤٧٠ : لو أقرّ اللقيط بعد بلوغه ورشده بأنّه حُرٌّ ثمّ أقرّ بالعبوديّة ، لم يُقبل ؛ لأنّه بالإقرار الأوّل التزم أحكام الأحرار في العبادات وغيرها ، فلم يملك إسقاطها ، ولأنّ الحكم بالحُرّيّة بظاهر الدار قد تأكّد بإعرابه عن نفسه ، فلا يُقبل منه ما يناقضه ، كما لو بلغ وأعرب عن نفسه بالإسلام ثمّ وصف الكفر لا يُقبل ، ويُجعل مرتدّاً ، ولأنّه اعترف بالحُرّيّة ، وهي حقٌّ لله تعالى ، فلا يُقبل رجوعه في إبطالها ، وبه قال الشافعي
__________________
(١ و ٣) راجع : المبسوط ـ للطوسي ـ ٣ : ٣٥٢.
(٢ و ٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣.