لعمرو ، حُكم عليه بالرقّيّة لعمرو ، كما لو أقرّ بمالٍ لزيدٍ فكذّبه زيد فأقرّ لعمرو به ، ولأنّ احتمال الصدق في الثاني قائم ، فوجب قبوله ، وهو قول بعض الشافعيّة (١).
والمنصوص لهم عن الشافعي : المنع ؛ لأنّ إقراره الأوّل تضمّن نفي الملك لغيره ، فإذا ردّ المُقرّ له خرج عن كونه مملوكاً أيضاً ، فصار حُرّاً بالأصل ، والحُرّيّة مظنّة حقوق الله تعالى والعباد ، فلا سبيل إلى إبطالها بالإقرار الثاني (٢).
وليس بجيّدٍ ؛ لأنّ إقراره الأوّل تضمّن الشيئين : الرقّيّة المطلقة ، وإسنادها إلى زيدٍ ، ولا يلزم من إبطال الثاني إبطال الأوّل ، وإذا حُكم عليه بالرقّيّة المطلقة قبل إضافتها إلى عمرو ، كما نقول في المال ، فإنّ ما ذكره بعينه آتٍ فيه ، ولا مخلص إلاّ ما قلناه.
مسألة ٤٧٣ : إذا بلغ اللقيط رشيداً ووُجد منه بعد ذلك تصرّفات يستدعي نفوذها الحُرّيّة ، كالبيع والنكاح وغيرهما ، ثمّ أقرّ على نفسه بأنّه رقٌّ ، فإن قامت البيّنة برقّه نقضت تصرّفاته ؛ لأنّه قد ظهر فسادها حيث تصرّف بغير إذن سيّده ، وإن لم تكن بيّنة لكن أقرّ ، فإن كان قد اعترف قبل الإقرار بالرقّيّة بأنّه حُرٌّ لم يُقبل إقراره بالرقّيّة.
__________________
(١) الحاوي الكبير ٨ : ٦٦ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٤٦ ، الوسيط ٤ : ٣٢٤ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٨٣ ، البيان ٨ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣.
(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٦٦ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٤٦ ـ ٤٤٧ ، الوسيط ٤ : ٣٢٣ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٨٣ ، البيان ٨ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٣.