الروايتين (١) ؛ لما رواه العامّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه جعل في جُعْل الآبق إذا جاء به خارجاً من الحرم ديناراً (٢).
ولأنّه قول مَنْ سمّيناه من الصحابة ، ولم نعرف لهم في زمنهم مخالفاً ، فكان إجماعاً ، ولأنّ في شرط الجُعْل في ردّهم حثّاً على ردّ الأُبّاق وصيانةً لهم عن الرجوع إلى دار الحرب وردّتهم عن دينهم (٣) وتقوية أهل الحرب بهم ، فيكون مشروعاً لهذه المصلحة ، بخلاف ردّ اللقط من الأموال فإنّه لا يفضي إلى ذلك.
والقول الأوّل أقوى ؛ لأنّ الأصل عدم الوجوب.
مسألة ٤٨٥ : لو استدعى الردّ فقال لغيره : رُدّ آبقي ، استحقّ الجُعْل ؛ لأنّه عمل يستحقّ في مثله الأُجرة ، فكان عليه الجُعْل ، كما لو استدعى ردّ اللّقطة ، كان عليه أُجرة المثل وإن لم ينص له على الأُجرة.
وكذا إذا أذن لرجلٍ في ردّ عبده الآبق ولم يشترط له عوضاً بردّه ، فالأقوى : استحقاق الجُعْل.
وللشافعيّة قولان :
منهم مَنْ قال : إن كان معروفاً بردّ الأُبّاق بالأُجرة ، استحقّ.
ومنهم مَنْ قال : لا يستحقّ ، وهو ظاهر كلام الشافعي ؛ لأنّه قال : إلاّ أن يجعل له جُعْلاً (٤).
__________________
(١) المغني ٦ : ٣٨١.
(٢) المغني ٦ : ٣٨١ ـ ٣٨٢.
(٣) في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « وردّهم دينهم » بدل « وردّتهم عن دينهم ». والظاهر ما أثبتناه.
(٤) الحاوي الكبير ٨ : ٣٠ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤١٨ ، حلية العلماء ٥ : ٤٥٩ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٦٥ ، البيان ٧ : ٣٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٦ ـ ١٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٦ ، وراجع : الأُم ٤ : ٧١ ، ومختصر المزني : ١٣٦.