الرجوع إلى أُجرة المثل (١). ولا بأس به.
أمّا لو كان التغيير بالزيادة والنقصان أو بالجنس بعد التلبّس بالعمل ، فالأقرب : الرجوع إلى أُجرة المثل ؛ لأنّ الجعالة الثانية فسخ للأُولى ، والفسخ في أثناء العمل يقتضي الرجوع إلى أُجرة المثل.
مسألة ٥٠٤ : استحقاق العامل للجُعْل موقوف على تمام العمل ، فلو سعى في طلب الآبق فردّه فمات في الطريق أو على باب دار المالك أو هرب أو غصبه غاصبٌ أو تركه العامل ورجع بنفسه ، فلا شيء للعامل ؛ لتعلّق الاستحقاق بالردّ ، وهو المقصود ولم يحصل ، وهذا بخلاف الإجارة ؛ فإنّه لو استأجره ليحجّ عنه فتلبّس بالعمل ثمّ مات ، فإنّه يستحقّ من الأُجرة بقدر ما عَمِل ؛ لأنّ المقصود من الحجّ الثواب وقد حصل ببعض العمل بعضُ الثواب ، وهنا لم يحصل شيء من المقصود.
والثاني (٢) أنّ الإجارة لازمة تجب الأُجرة فيها بالعقد ، وتستقرّ شيئاً فشيئاً ، والجعالة جائزة لا يثبت فيها شيء إلاّ بالشرط ولم يوجد ، وظاهرٌ أنّ الجعالة على العمل ليس كالإجارة أيضاً ، فلو قال : مَنْ خاط ثوبي فله درهم ، فخاط واحد بعضَه ثمّ أهمل ، لم يستحق شيئاً ، مع احتمال استحقاقه ، ولو مات فاحتمال الاستحقاق أقوى.
وإذا ردّ الآبق ، لم يكن له حبسه إلى استيفاء الجُعْل ؛ لأنّ الاستحقاق بالتسليم ، ولا حبس قبل الاستحقاق.
ولو قال : إن علّمتَ ولدي القرآن ، أو : علّمتني فلك كذا ، فعلَّمه
__________________
(١) الوسيط ٤ : ٢١٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٤١.
(٢) كذا قوله : « والثاني » إلى آخره ، في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة ، وهو الفرق الثاني للشافعيّة بين الجعالة والإجارة ، راجع : العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٠٢.