وللشافعيّة فيه وجهان (١).
مسألة ٢٢٠ : قد بيّنّا أنّ المضاربة عقد جائز من الطرفين لكلٍّ منهما فسخها متى شاء ، وهي تتضمّن تصرّف العامل في رقبة مال ربّ المال بإذنه ، فكان جائزاً كالوكالة ، فلا معنى للتأقيت فيها ، ولا يعتبر فيها بيان المدّة ، بخلاف المساقاة ؛ لأنّ العامل في المساقاة لا يتصرّف في رقبة المال ، وإنّما يعمل في إصلاح المال ، ولهذا افتقرت المساقاة إلى مدّةٍ معلومة ، والمقصود من المساقاة الثمرة ، وهي تنضبط بالمدّة ، فإنّ للثمرة أمداً معيّناً ووقتاً مضبوطاً ، أمّا المقصود من القراض فليس له مدّة مضبوطة ، فلم يشترط فيه التأقيت.
إذا عرفت هذا ، فلو وقّت القراض فقال : قارضتك على هذا المال سنةً ، فلا يخلو إمّا أن يُطلق أو يُقيّد.
فإن أطلق واقتصر ، لم يلزم التأقيت ، ولكلٍّ من المالك والعامل فسخ القراض قبل السنة.
نعم ، إنّه يفيد منع العامل بعد ذلك من التصرّفات إلاّ بإذنٍ مستأنف ؛ لأنّ الأصل عصمة مال الغير ، ومنع الغير من التصرّف فيه إلاّ بإذن مالكه ، والإذن لم يقع عامّاً ، فيتبع ما عيّنه المالك.
وإن قيّد فقال : قارضتك سنةً فإذا انقضت لا تبع ولا تشتر ، فالأقوى (٢) عندي : الجواز ؛ عملاً بالشرط ، ولأنّه مقتضى الإطلاق.
__________________
(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٦ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٩٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٧ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٣٨٥ ، البيان ٧ : ١٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.
(٢) في « ث ، ج ، ر » : « فالأقرب » بدل « فالأقوى ».