ولو قال : قارضتك على أن يكون جميع الربح لك ، فسد القراض أيضاً عندنا ـ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة (١) ـ لما تقدّم (٢).
وقال مالك : يصحّ ، ويكون الربح بأسره للعامل ؛ لأنّهما دخلا في القراض ، فإذا شرط الربح للعامل أو المالك ، كان لمن جعل له ، كأنّ المالك قد وهبه نصيبه من الربح ، فلا يمنع ذلك صحّة العقد (٣).
وقد تقدّم (٤) بطلانه ، وأنّ هذا الشرط منافٍ للقراض ؛ لاقتضاء القراض كون الربح بينهما ؛ لأنّه عبارة عن أن يكون من أحدهما المال ومن الآخَر العمل ، وذلك يقتضي الاشتراك ، فإذا شرطا ما يخالف ذلك فسد ، كشركة العنان إذا شرطا أن يكون الربح لأحدهما.
إذا عرفت هذا ، فإذا قال : قارضتك على أن يكون الربح كلّه لك ، فالقراض فاسد.
وما حكمه؟ للشافعيّة وجهان :
أحدهما : إنّه قراض فاسد ؛ رعايةً للّفظ.
والثاني : إنّه قرض صحيح ؛ رعايةً للمعنى (٥).
__________________
(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٩٢ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٢ ـ ٣٣٣ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، المغني ٥ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.
(٢) في ص ٥١.
(٣) بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، المغني ٥ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.
(٤) في ص ٥١.
(٥) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ـ ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.