وكان فيها سلطان البصرة ، فأخذني معه إلى الصحراء للتنزّه. فلمّا رجعنا أتيت إلى البصرة ولاحظت أنّ والدي يتبعني. فركبت في سفينة وقصدت شيراز فأتيت إلى تلك المدرسة ولحقني أخي فأقمنا فيها. وأتى إلينا خبر فوت الوالد ـ تغمّده الله برحمته ـ فبقينا بعده شهرا أو أقلّ.
ثمّ إنّ مدرسة المنصوريّة احترقت واحترق فيها واحد من طلبة العلم واحترق لي فيها بعض الكتب. وصارت بعض المقدّمات فسافرنا إلى إصفهان. وكنّا جماعات كثيرة. وأصابنا في الطريق برد تيقّنّا معه الهلاك. فمنّ الله علينا بالوصول فجلسنا في مدرسة ليس فيها إلّا أربع حجرات في «سر نيم آورد». وجلسنا في حجرة واحدة. وكنّا جماعة كثيرة. فكنّا إذا نمنا في تلك الحجرة وأراد واحد منّا الانتباه في اللّيل لحاجة ، انتبهنا جميعا.
ثمّ إنّه قد تضايقت علينا أمور المعاش وبعنا ما كان عندنا من ثياب وغيرها. وكنّا نتعمّد أكل الأطعمة المالحة لأجل أن نشرب ماء كثيرا ونأكل الأشياء الثقيلة لذلك أيضا.
ثمّ بعد هذا منّ الله عليّ بالمعرفة مع أستادنا المجلسيّ ـ أدام الله أيّام سلامته ـ فأخذني إلى منزله وبقيت عندهم في ذلك المنزل أربع سنين تقريبا. وقد عرّفت أصحابي عنده فأيّدهم بأسباب المعاش وقرأنا عليه الحديث.
ثمّ إنّ رجلا اسمه ميرزا تقيّ بنى مدرسة وأرسل إليّ وجعلني فيها مدرّسا ، والمدرسة تقرب من حمّام الشيخ بهاء الدين محمّد تغمّده الله برحمته. فأقمت في إصفهان أقرأ وأدرّس ثمان سنوات تقريبا.
ثمّ أصابني ضعف في البصر بكثرة المطالعة ، وكان في إصفهان جماعة كحّالون فداووا عيوني بكلّ ما عرفوا ، فما رأيت من دوائهم إلّا زيادة الألم. فقلت في نفسي : أنا أعرف منهم بالدواء. فقلت لأخي رحمهالله : إنّي أريد السفر إلى المشاهد العالية. فقال : أنا أكون معك.
فسافرنا من طريق إصفهان. وفي أثناء الطريق وصلنا إلى كرمان شاه وتجاوزناها ، وقمنا من منزل ونريد منزلا آخر وهو الهارونيّة بناها هارون الرشيد لعنه الله تعالى. فلمّا