قالت: «فإنّي أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبيّ لأشكونكما إليه».
فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة؟ ثم انتحب أبو بكر يبكي حتّى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول: «والله لأدعونّ الله عليك في كلّ صلاة أصلّيها» ثم خرج باكياً فاجتمع إليه الناس، فقال لهم: يبيت كلّ رجل منكم معانقاً حليلته مسروراً بأهله، وتركتموني وما أنا فيه، لا حاجة لي في بيعتكم، أقيلوني بيعتي. (١)
هذا ما أحدثه موقف فاطمة عليهاالسلام إذ لو لم يكن لموقف فاطمة عليهاالسلام الحجّية كما هو مرتكز عند المسلمين لما طلب الشيخان الإعتذار منها، وقد ذكّرتْهما بحجّيتها فأقرّ لها ذلك عند قولها: «ألم تسمعا رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول: رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي ...» فشهدا لها بذلك وأقرّا منزلتها وصَدَّقا حجّيتها.
وعدم رضاها عنهما دفع أبو بكر إلى البكاء مما ضاق منه لعدم رضا فاطمة عليهاالسلام، ولو لم يكن لها ذلك المقام الشامخ عند المسلمين لما كانت حاجة ملّحة في الإعتذار والإستشفاع لنيل رضاها فيدلّ على أنّهم كانوا يعلمون أنّ رضا رِضَى الله، ولما أيقنا سخطها تبادر لهما أنّ سخطها سخط الله، لذا
__________________
(١) الإمامة والسياسة، باب «كيف كانت بيعة عليّ بن أبي طالب» ج ١، ص ١٣ ـ ١٤.