ومن ثم كان وحي الله تعالى له مباشرة يكشف عن حقيقة مهمة، وهي تشابه حالتي زكريا ومريم في تلقّي البشارة وتكليم الملائكة لهما ومن ثم تكليمها الله تعالى، فحالتا الإصطفاء والبشارة كما حدثت لنبيّ الله زكريا حدثت مثلها وفي ظرف زماني متقارب لحجّة الله مريم عليهاالسلام، دليل على التقارب بين مهمّتي المقامين، أي مقام النبوّة لزكريا ومقام الحجّية لمريم.
والآيات التالية تتكفّل ببيان المقام، قال تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّـهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)(١).
فتوارد النظائر في الحالتين دليل على وجود ترابط ظاهر أو خفي بين حالتي نبوّة زكريّا وحجّية مريم عليهاالسلام، والنظائر الواردة في الآية للحالتين كما يلي:
إتيان البشارة لزكريا وتكليمه الملائكة أثناء عبادته لله تعالى، فقال تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ).
كما أنّ البشارة لمريم وتكليمها الملائكة حين قيامها لله تعالى منتبذة قومها
__________________
(١) آل عمران / ٣٩ ـ ٤٠.