(مِنْ دابَّةٍ). من للتبيين. أي : الذي هو دابّة تدبّ على وجه الأرض. (وَالْمَلائِكَةُ) ؛ أي : يخضع له الملائكة. (١)
(مِنْ دابَّةٍ). يجوز أن يكون بيانا لما في السموات والأرض جميعا ـ على أنّ في السموات خلقا لله يدبّون فيها كما يدبّ الأناسيّ في الأرض ـ وأن يكون بيانا لما في الأرض وحده ويراد بما في السموات الخلق الذي يقال له الروح. (لا يَسْتَكْبِرُونَ) عن عبادة الله. (٢)
[٥٠] (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٥٠))
(مِنْ فَوْقِهِمْ). متعلّق بيخافون أو بربّهم. (٣)
إنّما قال : (مِنْ فَوْقِهِمْ) لوجهين. أحدهما : انّ المراد يخافون عذاب ربّهم. وأكثر ما يأتي العذاب المهلك من فوق. والآخر : انّ الله سبحانه لمّا كان موصوفا بأنّه عال متعال حسن أن يقال : (مِنْ فَوْقِهِمْ) ليدلّ على أنّه في أعلى مراتب القادرين. ومثله في المعنى قوله : (هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ). (٤) وقيل : إنّ قوله : (مِنْ فَوْقِهِمْ) صفة الملائكة. والمعنى انّ الملائكة من فوق بني آدم وفوق ما في الأرض من دابّة يخافون الله مع علوّ رتبتهم. فلأن يخافه من دونهم أولى. (٥)
[٥١] (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٥١))
(لا تَتَّخِذُوا) ؛ أي : لا تعبدوا مع الله إلها آخر فتشركوا بينهما في العبادة. (فَارْهَبُونِ) ؛ أي : خافوا عقابي. وعن بعض الحكماء أنّه قال : نهاك ربّك أن تتّخذ إلهين ، فاتّخذت آلهة ؛ عبدت نفسك وهواك ومرادك وعبدت الخلق. فأنّى تكون موحّدا؟ (٦)
إن قيل : فما وجه قوله : (اثْنَيْنِ)؟ قلت : الاسم الحامل لمعنى الإفراد أو التثنية دالّة على
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٥٦٢.
(٢) الكشّاف ٢ / ٦٠٩ ـ ٦١٠.
(٣) الكشّاف ٢ / ٦١٠.
(٤) الأنعام (٦) / ١٨.
(٥) مجمع البيان ٦ / ٥٦٢.
(٦) مجمع البيان ٦ / ٥٦٣.