(لِيَكْفُرُوا). معنى اللّام هاهنا هو البيان عن العلّة التي لأجلها وقع الفعل. والمعنى أنّهم بمنزلة من أشرك في عبادة ربّه ليكفروا بما آتاه من النعمة ، كأنّه لا غرض له في شركه إلّا هذا. والمعنى : لأن يكفروا بإنعامنا ورزقنا إيّاهم. وقيل : إنّ اللّام للأمر على جهة التهديد. أي : ليفعلوا ما شاؤوا ، فإنّهم ينزل بهم عاقبة كفرهم. (فَتَمَتَّعُوا) أيّها الكفّار في الدنيا. (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ما يحلّ بكم في العاقبة. (١)
[٥٦] (وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦))
(وَيَجْعَلُونَ). أي المشركون. والواو في (يَعْلَمُونَ) يعود إلى المشركين. أي : لما لا يعلمون أنّه يضرّ وينفع. (مِمَّا رَزَقْناهُمْ) يتقرّبون بذلك إليه كما يجب أن يتقرّب إلى الله تعالى. وهو ما حكى الله عنهم في سورة الأنعام من الحرث وغيره وقوله : (هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا)(٢). (٣)
(لِما لا يَعْلَمُونَ) ؛ أي : لآلهتهم. ومعنى لا يعلمونها أنّهم يسمّونها آلهة ويعتقدون فيها أنّها تضرّ وتنفع وتشفع عند الله ، وليس كذلك لأنّها جماد ، فهم إذا جاهلون بها. وقيل : الضمير في (لِما لا يَعْلَمُونَ) للآلهة. أي : لأشياء غير موصوفة بالعلم جعلوا لها نصيبا في أنعامهم وزروعهم. (لَتُسْئَلُنَّ). وعيد لهم. (تَفْتَرُونَ) من قولكم أنّ الأصنام آلهة وأنّها أهل للتقرّب إليها. (٤)
[٥٧] (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (٥٧))
(وَيَجْعَلُونَ) ؛ أي : يضيفون إليه البنات. وهو قولهم : الملائكة بنات الله ؛ كما قال سبحانه : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً). (٥)(سُبْحانَهُ) ؛ أي : تنزيها له عن اتّخاذ
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٥٦٤.
(٢) الأنعام (٦) / ١٣٦.
(٣) مجمع البيان ٦ / ٥٦٥.
(٤) الكشّاف ٢ / ٦١٢.
(٥) الزخرف (٤٣) / ١٩.