(وَمِنْ آياتِهِ) الدالّة على توحيده (خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وما فيهما من عجائب خلقه وبدائع صنعه. (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ). وهو أن ينشئها الله تعالى مختلفة في الشكل والهيئة فيختلف نغماتها وأصواتها من نفسين هما أخوان. وقيل : إنّ اختلاف الألسنة هو اختلاف اللّغات من العربيّة والعجميّة وغيرهما. ولا شيء من الحيوان يتفاوت لغاتها كتفاوت لغات الإنسان. فإن كانت اللّغات توقيفيّا من الله ، فهو الذي فعلها وابتدأها. وإن كانت مواضعة من قبل العباد ، فهو الذي يسّرها. (وَأَلْوانِكُمْ) ؛ أي : اختلاف ألوانكم من البياض والحمرة وغيرهما فلا يشبه أحد أحدا مع التشاكل في الخلقة. وما ذلك إلّا للتراكيب الغريبة. (لِلْعالِمِينَ). حفص بكسر اللّام الأخيرة ، والباقون بفتحها. (١)
[٢٣] (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣))
(وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ). أي بالنهار. وقيل : إنّ اللّيل والنهار معا وقت للنوم ووقت لابتغاء الفضل. لأنّ من الناس من يتصرّف في كسبه ليلا وينام نهارا. (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) ذلك فيقبلونه ويتفكّرون فيه. (٢)
[٢٤] (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤))
(يُرِيكُمُ الْبَرْقَ) ؛ أي : النار تنقدح من السحاب يخافه المسافر ويطمع فيه المقيم. أو : خوفا من الصواعق وطمعا في الغيث. أو : خوفا من أن يخلف ولا يمطر وطمعا في المطر. (بَعْدَ مَوْتِها) ؛ أي : بعد انقطاع الماء عنها. (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ؛ أي : للعقلاء المكلّفين. (٣)
(يُرِيكُمُ الْبَرْقَ). مقدّر بأن. كقوله :
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٤٧٠ و ٤٦٩.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٤٧٠ ـ ٤٧١.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٤٧١.