(السَّاعَةُ) ؛ أي : القيامة. سمّيت بها لأنّها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا ، أو لأنّها تقع بغتة. وصارت علما لها بالغلبة ؛ كالكوكب للزهرة. (ما لَبِثُوا) في الدنيا أو في القبور أو فيما بين فناء الدنيا والبعث وانقطاع عذابهم. وفي الحديث : (ما بين فناء الدنيا والبعث أربعون.) وهو محتمل للساعات والأيّام والأعوام. (١)
(يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ) ؛ أي : يحلف المشركون (ما لَبِثُوا) في القبور (غَيْرَ ساعَةٍ) واحدة. وقيل : يحلفون ما مكثوا في الدنيا غير ساعة ، لاستقلالهم مدّة الدنيا. أو يحلفون ما لبثوا بعد عذاب القبر غير ساعة. ومتى قيل : كيف يحلفون كاذبين مع أنّ معارفهم في الآخرة ضروريّة؟ فالجواب : انّهم حلفوا على الظنّ ولم يعلموا لبثهم في القبور. فكأنّهم قالوا : ما لبثنا غير ساعة في ظنوننا. أو إنّهم استقلّوا الدنيا لما عاينوا من أمر الآخرة. فكأنّهم قالوا : ما الدنيا في الآخرة إلّا ساعة. فاستقلّوا [حيث اشتغلوا] في المدّة اليسيرة بما أوردهم تلك الأهوال الكثيرة. (كانُوا يُؤْفَكُونَ) في دار الدنيا. أي : يكذبون. وقيل : يصرفون. صرفهم جهلهم عن الحقّ في الدارين. (٢)
[٥٦] (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦))
(وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ). فإنّ هذه الآية مقدّمة ومؤخّرة. وإنّما هو : وقال الذين أوتوا العلم والإيمان في كتاب الله لقد لبثتم إلى يوم البعث» (٣)
(الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ). أي من الملائكة أو الإنس. (فِي كِتابِ اللهِ) ؛ أي : في علمه أو قضائه أو ما كتبه لكم ـ أي : أوجبه ـ أو اللّوح أو القرآن. وهو قوله : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ). (٤) ردّوا بذلك ما قالوه فحلفوا عليه. (يَوْمِ الْبَعْثِ) الذي أنكرتموه. (لا تَعْلَمُونَ) أنّه حقّ لتفريطكم. والفاء لجواب شرط محذوف. أي : إن كنتم منكرين البعث ، فهذا يومه. أي :
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٢٤.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٤٨٦.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ١٦٠.
(٤) المؤمنون (٢٣) / ١٠٠.