من كلّ ما يشغلني عنك حتّى لا يكون لي شغل سواه. والمراد التوفّر على الانتقام منه. ويجوز أن يريد : ستنتهي الدنيا وتنتهي عند ذلك شؤون الخلق الذي أرادها بقوله : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) فلا يبقى إلّا شأن واحد وهو جزاؤكم. فجعل ذلك فراغا لهم على طريق المثل.
(الثَّقَلانِ) : الإنس والجنّ. سمّيا بذلك لأنّهما ثقلا الأرض. (١)
(أَيُّهَ الثَّقَلانِ). قال : نحن وكتاب الله. والدليل على ذلك قول رسول الله : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي. (٢)
أهل الكوفة غير عاصم : «سيفرغ» بالياء. (٣)
[٣٣] (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (٣٣))
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ). كالترجمة لقوله : (أَيُّهَ الثَّقَلانِ). (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ) أن تهربوا من قضائي وتخرجوا من ملكوتي ومن سمائي وأرضي ، فافعلوا. ثمّ قال : لا تقدرون على النفوذ. (إِلَّا بِسُلْطانٍ) ؛ يعني : بقوّة وقهر. وأنّى لكم ذلك؟ وروي أنّ الملائكة تنزل فتحيط بجميع الخلائق ، فإذا رآهم الجنّ والإنس هربوا ، فلا يأتون وجها إلّا رأوا الملائكة أحاطوا به. (٤)
(تَنْفُذُوا) ؛ أي : تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين من الله. (إِلَّا بِسُلْطانٍ) ؛ أي : بقوّة وقهر. أو : إن قدرتم أن تنفذوا لتعلموا ما في السموات والأرض ، فانفذوا لتعلموا لكن لا تنفذون ولا تعلمون إلّا ببيّنة نصبها الله فتعرجون عليها بأفكاركم. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما). أي من التنبيه والتحذير والمساهلة والعفو مع كمال القدرة ، أو ما نصب من المصاعد العقليّة والمعارج النقليّة فتنفذون بها إلى ما فوق السموات العلى. (٥)
عن أبي عبد الله عليهالسلام : إذا كان يوم القيامة ، جمع الله العباد في صعيد واحد. وذلك أنّه
__________________
(١) الكشّاف ٤ / ٤٤٨.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٤٥.
(٣) مجمع البيان ٩ / ٣٠٧.
(٤) الكشّاف ٤ / ٤٤٨ ـ ٤٤٩.
(٥) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٥٤.