(فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) لما في ذلك من اعتبار الملائكة بظهور شيء بعد شيء من جهته ، ولما في الإخبار به من المصلحة للمكلّفين. ولو لا ذلك لكان يخلقهما في لحظة واحدة. (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) المعروف بالسماء. وقيل : استوى على الملك. فمن قال بالأوّل قال : استواؤه عليه كونه قادرا على خلقه وإنشائه وإفنائه وتصريفه. وقيل : معناه : عمد وقصد إلى خلق العرش. (وَما يَعْرُجُ فِيها) ؛ أي : ما يرفع إليها من أعمال الخلق. (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) بالعلم الذي لا يخفى عليه شيء من أعمالكم وأحوالكم. (١)
(يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) كالبذور (وَما يَخْرُجُ مِنْها) كالزروع (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) كالأمطار (وَما يَعْرُجُ فِيها) كالأبخرة. (وَهُوَ مَعَكُمْ) : لا ينفكّ علمه وقدرته عنكم بحال.
(بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فيجازيكم عليه. (٢)
[٥] (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥))
(مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). ذكره مع الإعادة كما ذكره مع الإبداء لأنّه كالمقدّمة لهما. (٣)
[٦] (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦))
[٧] (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧))
(مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ) : من الأموال التي جعلكم الله خلفاء في التصرّف فيها فهي في الحقيقة له لا لكم ، أو التي استخلفكم عمّن قبلكم في تملّكها والتصرّف فيها. وفيه حثّ على الإنفاق وتهوين له على النفس. (٤)
(جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ) ؛ يعني : انّ الأموال التي في أيديكم إنّما هي أموال الله وما أنتم فيها إلّا بمنزلة الوكلاء. فأنفقوا في حقوق الله. وليهن عليكم الإنفاق كما يهون على الرجل الإنفاق
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ٣٤٧.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦٦ ـ ٤٦٧.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦٧.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦٧.