المقرون بالإخلاص. (١)
[١٩] (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٩))
(هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ). فقال مجاهد : كلّ من آمن بالله ورسوله ، فهو صدّيق شهيد. وقرأ هذه الآية. والصدّيق : الكثير الصدق المبالغ فيه. (أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) ؛ أي : ثواب طاعتهم ونور إيمانهم الذي يهتدون به إلى طريق الجنّة. وعن منهال القصّاب قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ادع الله أن يرزقني الشهادة. فقال : إنّ المؤمن شهيد. وقرأ هذه الآية. قال الحارث : كنّا عند أبي جعفر عليهالسلام فقال : العارف منكم بهذا الأمر المنتظر له المحتسب فيه الخير ، كمن جاهد ـ والله ـ مع القائم بسيفه. ثمّ قال : بل ـ والله ـ كمن جاهد مع رسول الله بسيفه. ثمّ قال الثالثة : كمن استشهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في فسطاطه. وفيكم آية من كتاب الله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ) ـ الآية. صرتم ـ والله ـ صادقين شهداء عند ربّكم. وقيل : (الشُّهَداءُ) منفصل عمّا قبله مستأنف. والمراد بهم إمّا الأنبياء ، لأنّهم يشهدون للأمم وعليهم ـ وهو قول ابن عبّاس ـ أو الذين استشهدوا في سبيل الله. (٢)
(هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ). وهم المبالغون في الصدق ـ فإنّهم آمنوا وصدّقوا جميع أخبار الله ورسله ـ والقائمون بالشهادة لله ولهم أو على الأمم. (لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) : مثل أجر الصدّيقين والشهداء ومثل نورهم ، لكن من غير تضعيف ، ليحصل التفاوت. أو : الأجر والنور الموعودان لهم. (أَصْحابُ الْجَحِيمِ). وفيه دليل على أنّ الخلود في النار مخصوص بالكفّار ؛ من حيث إنّ التركيب يشعر بالاختصاص والصحبة تدلّ على الملازمة. (٣)
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : ما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتّى يبتلى ببليّة تمحّص بها ذنوبه ـ إمّا في مال أو ولد أو نفس ـ حتّى يلقى الله وما له ذنب. [و] إنّه ليبقى
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦٩.
(٢) مجمع البيان ٩ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦٩ ـ ٤٧٠.