(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا) كمنافقي أهل الكتاب عبد الله بن أبيّ وأصحابه ؛ قالوا لإخوانهم في النّفاق إذا ساروا في الأرض تجّارا مسافرين فماتوا في سفرهم أو كانوا في الغزو فقتلوا لو كانوا عندنا ما ماتوا في سفرهم ، وما قتلوا في الغزو.
وغزّا جمع غاز مثل راكع وركّع ، وقد يجمع غاز على غزاة ، مثل قاض وقضاة.
وقوله : (لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) ؛ أي ليجعل الله ما ظنّوا حزنا يتردّد في أجوافهم. ثم أخبر الله أنّ الموت والحياة إليه لا يقدّمان لسفر ولا يؤخّران لحضر. قوله تعالى : (وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ) ؛ يحذّرهم عن التّخلّف عن الجهاد وخشية الموت والقتل ؛ لأن الإحياء والإماتة إلى الله تعالى في السّفر والحضر ؛ وحال القتال وحال غير القتال.
قوله تعالى : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١٥٦)) ؛ ترغيب في الطاعة ، وتحذير من المعصية. قرأ ابن كثير والأعمش والحسن وحمزة والكسائي وخلف : بالياء ، والباقون بالتاء.
قوله تعالى : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧)) ؛ معناه : لو قتلتم في طاعة الله أو متّم فيها (لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) من الأموال. وإنّما قال هكذا وإن كان هو معلوما ؛ لأن من الناس من آثر الدّنيا على الجهاد وخشية القتل.
قرأ حفص : (يجمعون) بالياء على الخبر ؛ خير لكم أيّها المؤمنون ممّا يجمع المنافقون في الدّنيا. وقرأ نافع وأكثر أهل الكوفة : (متّم) بكسر الميم من مات يمات. وقرأ الباقون بضمّها من مات يموت.
قوله تعالى : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨)) ؛ معناه : لئن متّم على فرشكم ، أو قتلتم في الغزو فإلى الله ترجعون في الآخرة ، كيف ما دارت القصّة فإنّ مصيركم إلى الله ، ولئن تصيروا إلى الله بالقتل الذي تستحقّون عليه العوض خير من أن تصيروا إليه بالموت الذي لا يستحقّون عليه العوض. قال عليّ رضي الله عنه :