مأثم عليكم في ذلك ، وخذوا حذركم من عدوّكم ؛ (إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٠٢)) ؛ يهانون فيه وهو القتل في الدّنيا والنار في الآخرة.
قوله عزوجل : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) ؛ يعني صلاة الخوف إذا فرغتم منها فاذكروا الله ؛ أي صلّوا قياما للصحيح ؛ وقعودا للمريض ؛ وعلى جنوبكم للمرضى والجرحى الذين لا يستطيعون الجلوس. وقيل : معناه : فاذكروا الله بتوحيده وتسبيحه وشكره على كلّ حال. قال ابن عبّاس : (لم يعذر الله أحدا في ترك ذكره إلّا المغلوب على عقله).
وقوله تعالى : (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) ؛ أي رجعتم من سفركم وزال عنكم الخوف والمرض والقتال (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أي أتمّوها أربعا بركوعها وسجودها وسائر شروطها ، (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (١٠٣)) ؛ أي فرضا مفروضا موقّتا أوقاته ، ويقال : معلوما فرضه للمسافرين ركعتان وللمقيم أربع ركعات. وقال الأعمش : (موقوتا ؛ أي مؤقّتا).
قوله تعالى : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) ؛ أي لا تضعفوا في طلب ابتغاء القوم أبي سفيان وأصحابه لما أصابكم من القتل والجراحات يوم أحد. وقوله تعالى : (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) ؛ أي إن كنتم تألمون من الجراح فلهم مثل ذلك ، والمعنى : إن كان لكم صارف عن الحرب وهو أنكم تألمون من الجراح فلهم مثل ذلك من الصّارف ، ولكم أسباب داعية إلى الحرب ليست لهم ، وهو أنّكم ترجون الثواب والنّصر من الله ، (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) ؛ بمصالحكم (حَكِيماً (١٠٤)) ؛ فيما يأمركم به.
قوله عزوجل : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) ؛ قال ابن عبّاس : (نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يقال له طعمة بن أبيرق ؛ سرق درعا من جار له يقال له : قتادة بن النّعمان ، وكانت الدّرع في غرارة وجراب فيه دقيق ، فانتثر الدّقيق من المكان الّذي سرقه إلى باب منزله ، ففطن به أنّه هو السّارق ؛ فمضى بالدّرع إلى يهوديّ يقال له زيد بن السّمين فأودعه إيّاها ، فالتمست الدّرع عند طعمة فلم توجد عنده ، فحلف لهم ما أخذها ولا له علم ، فقال