فالفرض هنا التّمر (١) ، سمي فرضا لأنه يؤخذ من فرائض الصّدقة.
قوله تعالى : (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) ؛ حكاية قول إبليس ؛ أي لأضلّنّهم عن الحقّ ولأمنّينّهم أنّه لا جنّة ولا نار ولا بعث ولا حساب ، ولأريحنّهم طول الحياة في الدّنيا ، (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ) ؛ أي بتشقيق آذان الأنعام ؛ وهي البحيرة التي كانوا يفعلونها نسكا وعبادة للأوثان ، والقطع. (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) ؛ قال ابن عبّاس (٢) ومجاهد (٣) وقتادة والحسن (٤) والضحّاك (٥) : (فليغيّرنّ دين الله) نظيره (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ)(٦) أي لدين الله ، كقوله : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ). وقال عكرمة : (معناه : فليغيّرنّ خلق الله بالخصي والوشم وقطع الآذان وفقئ العيون) (٧). قال مجاهد : (كذب عكرمة ؛ إنّما هو دين الله) (٨).
قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً (١١٩)) ؛ أي من يتّخذه ناصرا من دون الله فقد غبن غبنا ظاهرا ؛ لأنه خسر الجنّة والنعيم الذي فيها.
فإن قيل : كيف علم إبليس أنه يتّخذ من عباد الله نصيبا؟ فيه أجوبة ؛ منها : أنّ الله لمّا خاطبه بقوله (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)(٩) علم إبليس أنه ينال من ذرّية آدم ما تمنّى. ومنها : أنه لمّا وسوس لآدم فنال منه ما نال ، طمع في ذرّيته. ومنها : أن إبليس لمّا عاين الجنّة والنار علم أنّ لها سكّانا من الناس).
__________________
(١) لسان العرب : (فرض). وتهذيب اللغة : ج ١٢ ص ١٢.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٨٢٦١).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٨٢٦٣ ـ ٨٢٦٤).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٨٢٦٧).
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٨٢٧١).
(٦) الروم / ٣٠.
(٧) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٨٢٥٨).
(٨) في جامع البيان : النص (٨٢٦٤) ، ومعنى كذب : أخطأ.
(٩) هود / ١١٩.