في كلّ شهرين أو أكثر إن شئت ، وإن شئت لا تقسم ، فقال : إن كان يصلح ذلك فهو أحبّ إليّ ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكر له ذلك ، فأنزل الله هذه الآية) (١).
ومعناها : (وإن امرأة خافت) أي علمت من زوجها بغضا ، أو إعراضا بوجهه عنها لإيثار غيرها عليها. قال الكلبيّ : (يعني : ترك مجامعتها ومضاجعتها ومجالستها ومحادثتها ؛ فلا جناح على الزّوج والمرأة أن يصالحا بينهما صلحا معلوما بتراضيهما ؛ وهو أن يقول لها الزّوج : إنّك امرأة قد دخلت في السّنّ ؛ وأنا أريد أن أتزوّج عليك امرأة شابّة أوثرها عليك في القسم لها لشبابها أو أزيد في نصيبها من القسم ، فإن رضيت وألّا سرّحتك بالأحسن وتزوّجت أخرى. فإن رضيت بذلك فهي المحسنة ، وحلّ للزّوج ذلك) (٢).
كما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه طلّق امرأته سودة ؛ فسألته لوجه الله أن يراجعها وتجعل يومها لعائشة ففعل (٣). ومثل هذا الصّلح لا يقع لازما ؛ لأنّها إذا أبت بعد ذلك إلى المقاسمة على السؤال كان لها ذلك.
قوله تعالى : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) ؛ أي خير من الإقامة على النّشوز. وقيل : خير من الفرقة. ودخول حرف الشّرط على الاسم في قوله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ) فعلى تقدير فعل مضمر ؛ أي : وإن خافت امرأة خافت ، أو على التقديم والتأخير ، كأنه قال : وإن خافت امرأة من بعلها نشوزا ، وعلى هذا قوله تعالى : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ)(٤) ، (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ)(٥) وهذا لا يكون إلّا في الفعل الماضي ؛ كما يقال : إن الله أمكنني ففعلت كذا ، فأمّا في المستقبل فيصحّ أن يفرّق بين التّي للجزاء وبين لفظ الاستقبال ، فيقال : إن امرأة تخف ؛ لأنّ (إن) تحرم المستقبل فلا يفصل بين العامل والمعمول.
__________________
(١) ينظر : اللباب في علوم الكتاب : ج ٧ ص ٥٣.
(٢) ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ٥ ص ٤٠٤ ـ ٤٠٥. واللباب في علوم الكتاب : ج ٧ ص ٥٣.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١١ ص ٢٢٦ : الحديث (١١٧٤٦). والترمذي في الجامع : التفسير : سورة النساء : الحديث (٣٠٤٠) ، وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب.
(٤) النساء / ١٧٦.
(٥) التوبة / ٦.