عبدا نبيّا فكذبت به وقلت : إنّه الله وابن الله ، فيقول : إنّه عبد الله ورسوله حين لا ينفعه إيمانه.
قال الحجّاج : ومن حدّثك بهذا الحديث؟ قلت : حدّثني به محمّد بن الحنفيّة ، قال : ـ وكان متّكئا فجلس ـ ، ثمّ نكث في الأرض بقضيبة ساعة ، ثمّ رفع رأسه إليّ وقال : أخذتها من عين صافية ، أخذتها من معدنها.
قال الكلبيّ : فقلت لشهر بن حوشب : وما الّذي أردت بقولك للحجّاج : حدّثني بذلك ابن الحنفيّة وهو يكرهه ، ويكره من جاء من قبله؟ قال : أردت أن أغيظه) (١).
وحجّة من قال : إنّ الهاء في قوله (مَوْتِهِ) راجعة إلى عيسى : ما روي في الخبر عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : [أنا أولى النّاس بعيسى ؛ لأنّه لم يكن بيني وبينه نبيّ ، ويوشك أن ينزل فيكم حكما عدلا ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، فإنّه رجل مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض ، كأنّ رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل ، فيقتل الخنزير ؛ ويريق الخمر ؛ ويكسر الصّليب ؛ ويذهب السّحرة ؛ ويقاتل النّاس على الإسلام ؛ وتكون السّجدة واحدة لله رب العالمين ، ويهلك الله في زمانه مسيح الضّلالة الكذاب الدّجّال ؛ حتّى لا يبقى أحد من أهل الكتاب وقت نزوله إلّا يؤمن به ، وتقع الأمنة في زمانه حتّى ترتع الإبل مع الأسود ؛ والبقر مع النّمور ؛ والغنم مع الذّئاب ، ويلعب الصّبيان بالحيّات ، لا يؤذي بعضهم بعضا ، ثمّ يلبث في الأرض أربعين سنة ثمّ يموت ، ويصلّي عليه المسلمون ويدفنوه](٢). وقال صلىاللهعليهوسلم : [إنّ المسيح جاء ، فمن لقيه فليقرؤه منّي السّلام](٣).
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٢ ص ٧٣٤ ؛ قال السيوطي : «أخرجه ابن المنذر عن شهر بن حوشب» ، وفيه : «قال شهر بن حوشب : وأيم الله ما حدّثنيه إلا أمّ سلمة ، ولكنّي أحببت أن أغيظه».
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب البيوع : باب قتل الخنزير : الحديث (٢٢٢٢) ، وكتاب الأنبياء : باب نزول عيسى بن مريم عليهماالسلام : الحديث (٣٤٤٨ و٢٤٧٦). ومسلم في الصحيح : كتاب الإيمان : باب نزول عيسى بن مريم حاكما بالشريعة : الحديث (٢٤٢ / ١٥٥).
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك : الفتن والملاحم : باب كلمة لا إله إلا الله : الحديث (٨٦٧٨ و٨٦٧٩) ، وقال : «فيه إسماعيل ، وأظنه ابن عياش ، ولم يحتجا به».