يا رسول الله ؛ لو علمت أنّك تستمع لحبّرته تحبيرا (١). وكان عمر رضي الله عنه اذا رأى أبا موسى عليهالسلام قال : (ذكّرنا يا أبا موسى) فيقرأه عنده) (٢). وعن أبي عثمان النّهديّ ؛ قال : (ما سمعت قطّ بربطا ولا مزمارا ولا عودا أحسن من صوت أبي موسى ، وكان يؤمّنا في صلاة الغداة فنودّ أنّه يقرأ سورة البقرة من حسن صوته) (٣).
وفي تفسير الكلبيّ : (أنّ الله تعالى لمّا أنزل الآية الّتى قبل هذه الآية ؛ وقرأها رسول الله صلىاللهعليهوسلم على النّاس ؛ قال اليهود فيما بينهم : ما نرى محمّدا يقرأ بما أنزل الله على موسى ؛ ولقد أوحي إليه كما أوحي إلى النّبيّين من قبله. فأنزل الله هذه الآية فقراها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فقالوا : إنّ محمّدا قد ذكره فيمن ذكره وفضّله بالكلام عليهم).
قوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى) ، وفائدة تخصيص موسى عليهالسلام بالكلام مع أنّ الله تعالى كلّم غيره من الأنبياء ؛ لأنه تعالى كلّمه من غير واسطة ؛ وكلّم غيره من الأنبياء بالوحي إليهم على لسان بعض الملائكة. قوله تعالى : (تَكْلِيماً) (١٦٤) ؛ يدلّ على التأكيد كيلا يحمل كلام الله إياه على معنى الوحي إليه.
__________________
(١) أخرجه مسلم في الصحيح : كتاب صلاة المسافرين : باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن : الحديث (٢٣٥ / ٧٩٣) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ، والحديث (٢٣٦) عن أبي موسى الأشعري ، وفيه : [لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود]. وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء : ج ١ ص ٢٥٨ عن سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم مرّ عليه ذات ليلة وأبو موسى يقرأ في بيته. ومع النّبيّ عائشة رضي الله عنها ، فقاما فاستمعا لقراءته ، ثمّ إنّهما مضيا ، فلمّا أصبح الصّبح لقي أبو موسى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : [يا أبا موسى ، مررت بك البارحة ومعي عائشة ...] وذكره.
(٢) أخرج أبو نعيم في الحلية : ج ١ ص ٢٥٨ عن الزهري عن أبي سلمة قال : «كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول لأبي موسى : ذكّرنا ربّنا عزوجل ، فيقرأ».
(٣) أخرجه أبو نعيم في الحلية : ج ١ ص ٢٥٨. والبربط : ملهاة تشبه العود ، وهو فارسي معرّب. وأصله (بربت) لأن الضارب به يضعه على صدره. واسم المصدر (بر).