غسلان ومسحان) (١). وذهب بعضهم إلى أنّ المتوضّئ مخيّر بين غسل الرّجلين ومسحهما.
وإذا احتملت قراءة الخفض المسح على الخفّين ، واحتملت مسح الرّجلين ، واحتملت غسلهما ، وجب الرّجوع إلى فعل النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقد روي : [أنّه داوم على غسل رجليه]. واتفقت الأمّة على فعله.
وروى ابن عمر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [أنّه توضّأ مرّة مرّة ؛ وغسل رجليه ؛ وقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصّلاة إلّا به] ، ولأنّ الله تعالى قال : (وأرجلكم إلى الكعبين) ، وهذا يدلّ على الغسل كاليدين حدّهما إلى المرافق وكان فرضهما الغسل دون المسح. وقال صلىاللهعليهوسلم : [لا يقبل الله صلاة امرئ حتّى يضع الطّهور مواضعه ، فيغسل وجهه ويديه ويمسح برأسه ويغسل رجليه](٢). وعن جابر رضي الله عنه قال : [أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نغسل أرجلنا إذا توضّأنا]. وقال ابن أبي ليلى : (أجمع أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم على وجوب غسل الرّجلين) (٣). وعن عبد الله بن عمر قال : مرّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم على قوم وعراقيبهم تلوح ، فقال : [أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النّار](٤). ورأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعمى يتوضّأ ، فقال : [اغسل باطن قدميك] فجعل يغسل حتّى سمّي أبا غسيل (٥). وقالت عائشة رضي الله عنها : (لإن يقطع قدماي أحبّ إليّ من أن أمسح عليهما من غير خفّين).
وذهبت الرّوافض إلى أن الواجب في الرجلين المسح. ورووا في المسح خبرا ضعيفا شاذا.
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٣ ص ٢٨ ؛ قال السيوطي : «أخرج عبد الرزاق وابن جرير وعبد بن حميد عن ابن عباس ، قال : (الوضوء غسلتان ومسحتان) ، ألا ترى أنه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين». وأخرجه عبد الرزاق في المصنف : الرقم (٥٤) : ج ١ ص ١٩.
(٢) ذكره الثعلبي عن خلاد بن السائب عن أبيه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما في الكشف والبيان : ج ٤ ص ٢٩٠.
(٣) في الدر المنثور : ج ٣ ص ٢٩ ؛ قال السيوطي : «أخرجه سعيد بن منصور».
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٩٨٨٢) بأسانيد ، وأصله في الصحيحين.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنف : ج ١ ص ٢٥ : الحديث (٧٥ ـ ٧٧).