ويحلفون بالله ، ويذكرون عيسى بن مريم ، فقال : لعلّ هذه مدينة أخرى ، فقام كالحيران ، فرآه إنسان فسأله ما هذه المدينة؟ فقال : هذه أفسوس ، فقال : ذاهب العقل.
ثم دخل السّوق ليشتري طعاما فأخرج الورق الذي معه فأعطاها رجلا وقال : بعني بهذه طعاما ، فعجب الرجل من نقشها وضربها ، ثم أعطاها رجلا من أصحابه لينظر إليها ، ثم جعلوا يتطارحونها بينهم من رجل إلى رجل ، فقالوا : هذا أصاب كنزا من كنوز الأوّلين ، فإما أن تشاركنا فيه ، ونخفي أمرك وإلّا سلّمناك إلى السّلطان يقتلك؟
فقال في نفسه : قد وقعت في الذي كنت احذر منه ، فجعل يمليخا لا يدري ما يقول لهم ، وفزع حتى أنه ما أطاق يخبرهم بشيء ، فلمّا رأوه لا يتكلّم أشاعوا خبره ، وجعلوا يقودونه في سكك المدينة وهم يقولون : هذا رجل وجد كنزا ، فاجتمع عليه أهل المدينة فجعلوا ينظرون إليه ويتعجبون ، ويقولون : ما هذا الرجل من أهل المدينة ، وما رأيناه فيها قط ولا نعرفه؟ ولو قال لهم : أنا من هذه المدينة لم يصدّقوه ، وكان متيقّنا أنّ أباه وإخوته في المدينة ، وأنه يسألونه من جملة الناس إذا سمعوا بخبره.
ثم إنّهم انطلقوا به إلى رئيس المدينة ومدبري أمرها وهما رجلان صالحان ، اسم أحدهما آرنوس والآخر أسطوس ، وظنّ يمليخا حين مضوا به أنّهم يمضون به إلى دقيانوس ، فرفع رأسه إلى السماء وقال : اللهمّ إله السماء والأرض أفرغ اليوم عليّ صبرا ، وأولج معي روحا تؤيّدني به عند هذا الجبّار.
فلما انتهوا به إلى الرّجلين الصالحين سكن خوفه ، فأخذ الرجلان الورق ، فنظرا إليه وعجبا منه ، وقالا : يا فتى أين الكنز الذي وجدته؟ هذا الورق يشهد عليك أنك وجدت كنزا ، فقال يمليخا : والله ما وجدت كنزا ، ولكن هذا ورق آبائي ، ونقش هذه المدينة وضربها ، ولكن لا أدري ما شأني ولا أدري ما أقول لكم.
فقال أحدهما : ممن أنت؟ فقال : أمّا أنا فكنت أرى أنّي من أهل هذه المدينة ، فقال له : من أبوك؟ ومن يعرفك بها؟ فأتاهم باسم لأبيه فلم يعرفوه ، فقال له أحدهما : أنت رجل كذاب لا تخبر بالحقّ ، فلم يدر يمليخا ما يقول ، فقال رجل : هذا