(وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً) (١٦) ؛ ما ترفقون به هناك في معايشكم يكون مخلّصا لكم من ظلم هؤلاء الكفّار. قال ابن عبّاس : (معناه : ويسهّل عليكم ما تخافون من الملك وظلمه). يقال : فيه (مرفقا) بكسر الميم وفتح القاف ، وفتح الميم وكسر الفاء ، وكذلك في مرفق اليد.
قوله تعالى : (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ؛) الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قرأ أهل الكوفة (تزاور) بالتخفيف على حذف إحدى التّائين ، وقرأ أهل الشام ويعقوب (تزورّ) بوزن تحمرّ ، وكلّها بمعنى واحد أي تميل ، وفيه بيان أن الكهف الذي أووا إليه كان بابه نحو القطب الذي يقرب بباب نعش ، وكانت الشمس تطلع مزوارة على باب الكهف عند الطلوع وعند الغروب.
قوله تعالى : (ذاتَ الْيَمِينِ ؛) أي ناحية اليمين ، قوله تعالى : (وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ ؛) أي تعدل عنهم. قال الكلبيّ : (إذا طلعت مالت عن كهفهم ذات يمين الكهف ، وإذا غربت تمرّ بهم ذات الشّمال يعني شمال الكهف لا تصيبه ، وكان كهفهم في أرض الرّوم ، أعلم الله أنّه يميل عنهم الشّمس طالعة وغاربة ، لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرّها وتغيّر ألوانهم).
قوله تعالى : (وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ؛) أي في متّسع من الكهف ، هيّأ الله لهم مكانا واسعا لا يصيبهم فيه حرّ ولا سموم ، ولا يتغير لهم ثوب ولا لون ولا رائحة ، ولكن كان ينالهم فيه نسيم الرّيح وبردها. قوله تعالى : (تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ) القرض من قولهم : قرضته بالمقراض ؛ إذا قطعته ، كأنه قال : تقطعهم ذات الشمال. وقيل : تعطيهم اليسير من شعاعها عند الغروب ، كأنه شبّهه بقرض الدراهم التي تعطى ثم تستردّ.
قوله تعالى : (ذلِكَ ؛) أي إبقاؤهم طول السنين التي ذكرها الله نياما لا يستطيعون يستيقظون من دون طعام ولا شراب ، (مِنْ آياتِ اللهِ.) وقوله تعالى : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) (١٧) ظاهر المعنى.