قوله تعالى : (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) (٨١) ؛ أي فأراد الله أن يبدلهما ولدا خيرا منه صلاحا وطهارة ، وقوله تعالى : (وَأَقْرَبَ رُحْماً) أي وأوصل للرّحم وأبرّ بوالديه. قال ابن عبّاس : (أبدلهما الله به جارية تزوّجها نبيّ من الأنبياء فولدت سبعين نبيّا).
قوله تعالى : (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ؛) أي في القرية المذكورة ، وكان اسم اليتيمين : أصرما وصريما ، (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) قيل : إنه كان مالا ، وقيل : كان علما.
وعن ابن عبّاس : (أنه كان لوحا من ذهب وفيه : بسم الله الرّحمن الرّحيم ؛ لا إله إلّا الله ؛ محمّد رسول الله ، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، ولمن أيقن بالنار كيف يضحك ، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ، وعجبت لمن يرى الدّنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئنّ إليها) (١). وقيل : كان ذهبا وفضّة.
قوله تعالى : (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً ؛) أي كان ذا أمانة ، كان يقال له : كاشح ، وقيل : إنه كان من الأنبياء. قال سعيد بن جبير عن ابن عبّاس : (حفظا بصلاح أبيهما ولم يذكر منهما صلاحا) (٢). قال جعفر بن محمّد : (كان بينهما وبين الأب الصّالح سبعة آباء).
وعن محمّد بن المنكدر قال : (إنّ الله تعالى ليحفظ بالرّجل الصّالح ولده وولد ولده وأهل دويرته ، وأهل دويرات حوله وأسرته الّتي هو فيها ، فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم) (٣).
قوله تعالى : (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما ؛) أي فأراد ربّك بالأمر تسوية الجدار إلى أن يكبرا ويعقلا ، (وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً ؛) أي نعمة ؛ (مِنْ رَبِّكَ) وهذا نصب على المصدريّة ؛ أي رحمهماالله بذلك رحمة.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٧٥٣٩) عن الحسن.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٧٥٤٣).
(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١١ ص ٣٨ نقله القرطبي أيضا عن جعفر بن محمد.