وتقرا (حامية) أي حارّة ، وهي قراءة العبادلة الثلاثة ـ عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن الزّبير ، وعبد الله بن عمر ـ وابن عامر وأهل الكوفة.
قوله تعالى : (وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً ؛) أي عند العين ، (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ) قيل : في هذا دليل أن ذا القرنين كان نبيّا ؛ لأن الانسان لا يعلم أمر الله إلّا بالوحي ، ولا يجوز الوحي إلّا إلى الأنبياء ، وقيل : كان معه نبيّ ، فأوحى الله إلى ذلك النبيّ ، وفي الجملة لا يمكن إثبات النبوّة إلّا بدليل مقطوع به.
وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه سئل عن ذي القرنين قال : [هو ملك يسيح في الأرض](١) ، قال ابن الأنباريّ : (إنّه كان نبيّا ، فإنّ الله قال له كما قال للأنبياء ، إمّا بتكليم أو بوحي ، ومن قال لم يكن نبيّا ، قال معنى قوله ألهمنا كقوله (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى)(٢) أي ألهمناها.
قوله تعالى : (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) (٨٦) ؛ أي قلنا له إما أن تقتلهم على الكفر إن أبوا الإسلام ، وإما أن تأسرهم فتعلّمهم الهدى وتبصّرهم الرشاد.
قوله تعالى : (قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ ؛) أي من أسرف ، (فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ؛) أي نقتله ، وكلّ من أشرك فقد ظلم نفسه ، (ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ ؛) في الآخرة بعد قتلي إيّاه ، (فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً) (٨٧) ؛ يعني في النار أنكى من القتل وأعظم.
قوله تعالى : (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى ؛) أي فله في الآخرة جزاء الحسنى أي الجنة بالطاعة التي عملها في الدنيا. وقرأ أهل الكوفة (جَزاءً) نصبا وهو مصدر وقع موقع الحال ؛ أي فله الحسنى مجزيّا بها. قال ابن الأنباريّ : (جزاء نصبا على المصدر ؛ أي فيجزى الحسنى جزاء). قوله : (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) (٨٨) ؛ أي سنأمره في الدّنيا بما نيسّر عليه.
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٥ ص ٤٣٦ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ بلفظ : [ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب]).
(٢) القصص / ٧.