سورة مريم
سورة مريم مكّيّة ، وهي ثلاثة آلاف وثمانمائة حرف ، وتسعمائة واثنتان وستّون كلمة ، وثمان وتسعون آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(كهيعص) (١) ؛ قال ابن عبّاس : (أوّل هذه السّورة ثناء أثنى به الرّبّ على نفسه ، والكاف من كاف ، والهاء من هاد ، والياء من حكيم ، والعين من عليم ، والصّاد من صادق وصمد) (١). وقيل : معناه : كاف لخلقه هاد لعباده ، يده فوق أيديهم ، عالم ببريّته ، صادق في وعده (٢).
قوله تعالى : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) (٢) ؛ أي بهذا اذكر رحمة ربك على زكريّا ، أو ما يتلى عليكم ذكر رحمة ربك ، و (عَبْدَهُ) منصوب بالرحمة. قوله تعالى : (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) (٣) ؛ أي إذ دعا ربّه سرّا في جوف اللّيل مخلصا لم يطّلع عليه إلّا الله ، (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ؛) أي ضعف منّي.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الآثار (١٧٦٥٨ ـ ١٧٦٨١).
(٢) يلاحظ هنا : أن القرآن كلام عربي اللغة والأسلوب ؛ خاطب الله به الناس بما تدل عليه اللغة بأفرادها واستعملته العرب بلسانها ، وأصل الكلام عند العرب ما دلّ على معنى ، والحروف بأفرادها لا تدل على معنى إلا إذا اجتمعت وغدت كلمة ، وهي اسم وفعل وحرف جاء لمعنى حين يقرن مع غيره. لهذا لا نجد أن اللغة تدل على ما ذكر من أن الكاف تدل على الكبير أو الكافي أو غير ذلك من الحروف ما أشاروا إلى احتمال دلالتها. ويبقى مثل هذا عرضة للتأمل ويفتقر إلى الجزم ، وهو ضرب من التفكر العقلي المحض. والله أعلم