أربعون سنة. قوله تعالى : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) (٦٤) ؛ أي وما كان ربّك ليتركك ، وإن تأخر عنك رسوله.
قوله تعالى : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ ؛) أي إصبر على أمره ونهيه حتى الموت ، (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (٦٥) ؛ أي شبيها ومثلا يعبد ، وقيل : هل تعلم من يستحقّ الإلهيّة سواه ، وقيل : هل تعلم أحدا يسمّى الله غيره ، وقيل : هل تعلم من أحد سمّي ربّ السّموات والأرض.
قوله تعالى : (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) (٦٦) ؛ قال ابن عبّاس : (هو أبيّ بن خلف الجمحيّ ، قال هذا القول إنكارا للبعث). وقوله تعالى : (لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) أي أخرج من القبر حيّا ؛ استهزاء وتكذيبا منه للبعث.
قوله تعالى : (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ ؛) قرأ نافع وابن عامر وعاصم : (أَوَلا يَذْكُرُ) بالتخفيف ، وقرأ الباقون بالتشديد وهو الاختيار ؛ أي أولا يتّعظ ويتفكّر ، وعلى القراءة الأولى (يَذْكُرُ) بالتخفيف ضد النّسيان ، والمعنى : أولا يتّعظ الإنسان أنّا خلقناه من نطفة ، (وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) (٦٧) ؛ موجودا ، فيستدلّ بالابتداء على الإعادة.
قوله تعالى : (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ؛) يعني المنكرين للبعث ، أقسم الله تعالى على نفسه لنحشرنّهم من قبورهم مع الشياطين الذين أضلّوهم ، (ثُمَ) لنجمعنّهم ، (لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) (٦٨) ؛ باركين على الرّكب ؛ لأن المحاسبة إنّما تكون بقرب جهنّم ، يقرن مع كلّ كافر شيطان في سلسلة.
قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) (٦٩) ؛ أي ثم لنخرجنّ من كلّ فرقة وجماعة أيّهم أشدّ على الرّحمن تمرّدا وجرأة وفجورا وكفرا بدءا بالأعتى فالأعتى ، والأكثر جرما. قال قتادة : (المعنى : لننزعنّ من كلّ قرية وأهل دين قادتهم ورؤساءهم في الشّرّ).
والشّيعة : الجماعة المعاونون على أمر من الأمور. قوله تعالى : (أَيُّهُمْ) رفع على الاستثناء ، و (لَنَنْزِعَنَّ) يعمل في موضع (مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) ، هذا قول يونس. وقال الخليل : على معنى الذين يقال لهم أيّهم أشدّ فلنخرج.