وعن أبي هريرة : أنّه أوى إلى فراشه فقال : (يا ليت أمّي لم تلدني ، فقالت امرأته ميسرة : إنّ الله عزوجل قد أحسن إليك ، هداك إلى الإسلام. قال : أجل ؛ ولكنّ الله تعالى قد بيّن لنا أنّا لواردون النّار ، ولم يبيّن لنا أنّا خارجون منها).
وقال بعضهم : الورود هو الإشراف على النار بلا دخول ؛ لأن موضع المحاسبة يكون قريبا من النار ، وقد قال الله تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ)(١) ولم يكن موسى دخل الماء ، واستدلّوا بما روي أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : [لن يدخل النّار ـ إن شاء الله تعالى ـ واحد شهد بدرا أو الحديبية](٢).
وعن مجاهد أنه قال : (الحمّى حظّ كلّ مؤمن من النّار) (٣). فعلى هذا من حمّ من المسلمين فقد وردها ، لأن الحمّى من فيح جهنّم.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه عاد مريضا من وعك كان به ، فقال له : [أبشر ؛ إنّ الله يقول : هي ناري أسلّطها على عبدي المؤمن لتكون حظّه من النّار](٤).
قال الزجّاج : (والحجّة القاطعة على أنّهم لا يدخلون النّار قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ، لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ)(٥)) وهذه حجّة لا معارض لها (٦).
__________________
وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ورواه الترمذي مرفوعا في السنن : كتاب تفسير القرآن : باب ومن سورة مريم : الحديث (٣١٥٩) ؛ وقال : هذا حديث حسن.
(١) القصص / ٢٣.
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند : ج ٣ ص ٣٩٦.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٧٩٨٠). و (النار) ضبطت من رواية الطبري لأنها سقطت من أصل المخطوط.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٢ ص ٤٤٠. والترمذي في السنن : كتاب الطب : باب تطييب نفس المريض : الحديث (٢٠٨٨). ولفظه كما أخرجه ابن ماجة في السنن : كتاب الطب : الحديث (٣٤٧٠).
(٥) الأنبياء / ١٠١ و ١٠٢.
(٦) قاله الزجاج نقلا عن أبي إسحق ، كما في معاني القرآن وإعرابه : ج ٣ ص ٢٧٩.