قوله تعالى : (فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً) (١٠٦) ؛ أي أرضا ملساء مستوية لا نبات فيها ، والصّفصف : الأملس الذي لا نبات فيه. قوله تعالى : (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (١٠٧) ؛ قال ابن عبّاس : (العوج : الأودية ، والأمت : الرّوابي) (١) ، وقال مجاهد : (انخفاضا وارتفاعا) (٢) ، وقال قتادة : (لا ترى فيها صدعا ولا أكمة) (٣) ، وقال الحسن : (العوج : ما انخفض من الأرض ، والأمت : ما يستر من الرّوابي) ، ويقال : مدّ حبله حتى ما ترك فيه أمتا ، وملأ سقاءه حتى ما ترك فيه أمتا ؛ أي انثناء.
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ ؛) أي يومئذ يتّبعون داعي الله الذي يدعوهم إلى موقف القيامة وهو اسرافيل لا عوج لدعائه ، وقيل : لا عوج لهم عن دعائه ؛ أي لا يزيغون عنه ، بل يتبعونه سرايا لا يعدلون عن الطريق يمينا ولا شمالا ولا يملكون التأخّر.
قوله تعالى : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ ؛) أي ذلّت الأصوات لهيبة الرّحمن ، وقيل : سكنت الأصوات له ، فوصف الأصوات بالخشوع ، والمعنى لأهلها ، قوله تعالى : (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) (١٠٨) ؛ أي إلّا صوتا خفيّا يعني صوت نقل الأقدام إلى المحشر.
والهمس : الصوت الخفيّ كأخفاف صوت الإبل في المشي. وقال ابن عبّاس : (معنى الهمس تحريك الشّفاه بغير منطق) وهو قول مجاهد (٤) ، والكلام الخفيّ ، والمعنى على هذا التفسير : سكنت الأصوات فلا يجهر أحد بكلام إلّا كالمشير من الإشارة بالشّفة ، وتحريك الفم من غير صوت.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٣٥٧).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٣٥٨).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٣٦٠).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٣٦٧). وفي الدر المنثور : ج ٥ ص ٦٠٠ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد).