ذكرا شرفا بإيمانهم ، كما قال تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ)(١) أي شرف لك ولقومك.
قوله تعالى : (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ؛) أي ارتفعت صفة الرّحمن فوق كلّ شيء سواه ، لأنه أقدر من كلّ قادر ، وأعلم من كل عالم ، وكلّ قادر وعالم سواه محتاج إليه ، وهو غنيّ عنه ، قوله (الْمَلِكُ الْحَقُّ) أي يحقّ له الملك ، وإن كان ملك سواه يملك بعض الأشياء ويبيد ملكه.
قوله تعالى : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ؛) قال الحسن : [كان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا أنزل عليه الوحي عجّل بقراءته مخافة نسيانه ، وكان يقرأ مع الملك مخافة أن يذهب عنه ، فنهي عن ذلك] فقال (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ) أي بقراءته من قبل أن يفرغ جبريل من تلاوته عليك) (٢). قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (١١٤) ؛ أي زدني حفظا لا أنساه.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ ؛) أي أمرناه أن لا يأكل من الشّجرة من قبل هؤلاء الذين نقضوا عهدي ، وتركوا الإيمان بي ، وهم الذين ذكرهم الله في قوله (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ، والمعنى أن هؤلاء الذين صرّف لهم في القرآن الوعيد إذ ضيّعوا عهدي وخالفوا أمري ، فإنّ أباهم آدم عليهالسلام عهدنا إليه أيضا ، (فَنَسِيَ ؛) وترك عهدي وما أمر به ، (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (١١٥) ؛ أي لم نجد له حفظا لما أمرنا به.
وقال الحسن : (معناه : ولم نجد له صبرا عمّا نهي عنه ، ولم نجد له رأيا معزوما عليه) ، حيث أطاع عدوّه إبليس الذي حسده وأبى أن يسجد له. قال الحسن : (كان عقل آدم كعقل جميع ذرّيّته) ، قال الله (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً). وجاء في الحديث : [لو وزن حلم بني آدم مذ كان آدم إلى أن تقوم السّاعة لرجح حلم آدم على
__________________
(١) الزخرف / ٤٤.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : ج ٧ ص ٢٤٣٧. وفي الدر المنثور : ج ٥ ص ٦٠٢ ؛ قال السيوطي : (أخرجه الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه).